تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة.. الشيخ الشعراوي يوضح علاقة هذه الآية بدوران الأرض

يبحث كثير من المسلمين عن تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، وهي إحدى الآيات الكريمة من سورة النمل، وقد ورد لفظ الجبال بالجمع في القرآن الكريم 33 مرة، بينما ورد بلفظ المفرد ست مرات، وفي هذا دلائل على أهمية الجبال في الكون، وعلى أنها آية من آيات الله الدالة على عظمته وقدرته، بل وتدعو إلى التفكر والتدبر في معانيها الواردة بالقرآن ومنها، تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة.

تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة 

نقدم تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة، وهي الآية 88 من سورة النمل وفيها قول لله تعالى "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" ووفقا للشيخ ابن باز رحمه الله، فالمقصود من هذه الآية أن الجبال تمر مر السحاب ولكن يوم القيامة، بينما هي في الدنيا ثابتة وهادئة أرساها الله وجعلها أوتادًا للأرض.

كما تبين هذه الآية أن كل ما يخلقه الله لحكمة كما قال "صنع الله الذي أتقن كل شيء أنه خبير بما تفعلون" فهو سبحانه غني عن العالمين، وحكمته سبحانه تتضمن شيئين، أحدهما، حكمة تعود إليه يحبها ويرضاها، والثاني إلى عباده حيث النعم التي يفرحون بها ويتلذذون بها.

وأما تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة، للشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله، فالمقصود بها أن الجبال تتحرك في الحياة الدنيا، ولذلك جاء بعدها بقوله تعالى "صنع الله الذي أتقن كل شيء" فلو كان المقصود هو تحرك الجبال يوم القيامة لما جاء الله بهذا القول لأن الآخرة لا تتضمن هذه الحسابات الكونية، ولكن يشير تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة إلى تأكيد تحرك الجبال تحرك تبعي وفقا لحركة الأرض.

ووفقا للشيخ الشعراوي، وصف الله في هذه الآية الكريمة مرور الجبال بمرور السحاب، لأن السحاب لا يتحرك ذاتيا ولكن يتحرك تبعيا بفعل الرياح، ومثله تتحرك الجبال بفعل دوران الأرض، وفي ذلك تأكيد على أن تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة، يخص الدنيا وليس الآخرة، وذلك بدلالة قول الله تعالى تحسبها، فالحسبان والاضطراب يخص الدنيا، بينما اليقين يخص مشاهد الآخرة.

لماذا شبه القرآن حركة الجبال بحركة السحاب

وقد شبه القرآن حركة الجبال بحركة السحاب لأن كلتا الحركتين لا تحدث بشكل ذاتي، وإنما تحدث بالتبعية، فحركة الأرض هي المسببة لحركة الجبال، وحركة الرياح هي المسببة لحركة السحاب، وكله يحدث بأمر الله وتسييره لهذا الكون الذي صنعه الله وأتقنه، وجاء تفسير وترى الجبال جامدة وهي تمر مر السحاب وفقا لابن كثير، أي تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر مر السحاب أي تزول عن أماكنها، فمرور الجبال مر السحاب هو بعض ما يراه الإنسان من مشاهد يوم القيامة.

وترى الجبال تحسبها جامدة الطبري

استكمالا لتوضيح تفسير وترى الجبال تحسبها جامدة وفقا للطبري، فإن الله سبحانه وتعالى أراد بهذه الآية الإخبار بأن الجبال التي نراها ساكنة وهادئة وراسية في الأرض، إنما هي تتحرك من مكان إلى مكان بحركة الأرض، فالأرض نفسها تتحرك وتدور بشكل بديع صنعه الله.

وتأتي هذه الآية في سورة النمل وصفا لمشاهد يوم القيامة، "ويوم ينفخ في الصُور ففزغ من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكلٌ أتوه داخرين وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرُّ مرّ السحاب" ووفقا لتفسير الجلالين، في تفسير هاتين الآيتين، أن النفخ في الصور يشار إلى النفخة الأولى من إسرافيل، والتي تفزع من في السماوات والأرض إلا من شاء الله أو الملائكة. 

وعن ابن عباس، قيل إلا من شاء الله هم الشهداء إذ هم أحياء عند ربهم يرزقون، وتفسير و"ترى الجبال"، أي تبصرها وقت النفخة، "تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب"، أي تظنها واقفة مكانها لعظمها وهي تمر مر السحاب، مثل المطر إذا ضربته الريح، أي تسير سيرهُ حتى تقع على الأرض فتستوي بها مبثوثة، ثم تصير كالعهن وهو الصوف المصبوغ ألوانا ثم تصير هباء منثورًا.