تفسير سورة الطارق وسبب نزولها.. لماذا اُفتتحت بالقَسم؟
نقدم تفسير سورة الطارق، وهي من سور جزء عم أي في الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، ويبلغ عدد آياتها 17 آية، كما أنها من السور المكية، وتبدأ بالقسم "وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ"، والمقصود بالطارق، أي النجم الثاقب الذي يظهر في السماء ليلا، ويختفي بالنهار، وهي آية من آيات الله عز وجل، وفي هذا التقرير، نرصد لكم تفسير سورة الطارق بالتفصيل وسبب نزولها.
تفسير سورة الطارق
قبل التطرق إلى تفسير سورة الطارق، يجب التنويه بمقاصد هذه السورة الكريمة، حيث تضمنت سورة الطارق، آيات حفظ الإنسانِ وبيان قدرته على البعث، وبيان أسرار يوم القيامة، وبيان صدقِ آيات القرآنِ الكريمِ، والأمر بإمهال المكذبين، وقد جاء تفسير سورة الطارق للسعدي رحمه الله بمعاني الآيات كالتالي:
- والسماء والطارق: أقسم الله سبحانه بالسماء والنجم الذي يطرق ليلا
- وما أدراك ما الطارق: وما أدراك ما عظم هذا النجم؟
- النجم الثاقب: هو النجم شيء المتوهج
- إن كل نفس لما عليها حافظ: ما كل نفس إلا أوكل بها ملك رتيب يحفظ عليها أعمالها لتجلب عليها يوم القيامة.
- فلينظر الإنسان مم خلق: فلينظر الإنسان المنكر للبعث مم خلق؟ ليعلم أن إعادة خلق الإنسان ليست أصعب من خلقه أولا.
- خلق من ماء دافق: خلق من مني منصب بسرعة في الرحم.
- يخرج من بين الصلب والترائب: يخرج من بين صلب الرجل وصدر المرأة.
- إنه على رجعه لقادر: إن الذي خلق الإنسان من هذا الماء لقادر على رجعه إلى الحياة بعد الموت.
- يوم تبلى السرائر: يوم يختبر السرائر فيما أخفته، ويميز الصالح منها من الفاسد.
- فما له من قوة ولا ناصر: فما للإنسان من قوة يدفع بها عن نفسه، وما له من ناصر يدفع عنه عذاب الله.
- والسماء ذات الرجع: والسماء ذات المطر المتكرر.
- والأرض ذات الصدع: والأرض ذات التشقق بما يتخللها من نبات.
- إنه لقول فصل: إن القرآن لقول فصل بين الحق والباطل.
- وما هو بالهزل: وما هو بالهزل ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله، وإلا فقد أشرك.
- إنهم يكيدون كيدا: إن المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم وللقرآن، يكيدون ويدبرون ليدفعوا بكيدهم الحق ويؤيدوا الباطل
- وأكيد كيدا: وأكيد كيدا لإظهار الحق ولو كره الكافرون
- فمهل الكافرين أمهلهم رويدا: فلا تستعجل لهم يا محمد بطلب إنزال العقاب بهم، بل أمهلهم وانظرهم قليلا، وسترى ما يحل بهم من العذاب والنكال والعقوبة والهلاك.
تفسير سورة الطارق ابن كثير
وبخلاف تفسير سورة الطارق للسعدي، نوضح تفسير سورة الطارق ابن كثير، وقد تطرق فيها إلى ما يلي في هذه الآيات تحديدا:
تفسير يوم تبلى السرائر
أي تخرج مخبآتها وتظهر، وهو كل ما كان استسره الإنسان من خير أو شر، وأضمره من إيمان أو كفر، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: يبدي الله يوم القيامة كل سر خفي فيكون زينا في الوجوه وشينا في الوجوه.
وتفسير يوم تبلي السرائر لابن القيم، جاء فيها أن الاعمال نتائج السرائر الباطنة، فمن كانت سريرته صالحة، كان عمله صالحا، فتبدو سريرته على وجهه نورا وإشراقا وحياء، ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعا لسريرته، فتبدو سريرته على وجهه سوادا وظلمة.
تفسير فما له من قوة ولا ناصر
فما للإنسان الكافر يومئذ من قوة يمتنع بها عن عذاب الله وأليم نكاله، ولا ناصر ينصره فيستنقذه ممن ناله بمكروه، وقد كان في الدنيا يرجع إلى قوة من عشيرته يمتنع بهم ممن أراده بسوء، وناصر من حليف ينصره على من ظلمه.
تفسير إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا
بتدبر هذه الآية يتبين أن أهل الكفر والضلال يكيدون للإسلام والمسلمين في كل لحظة، ولكن كيد الآدمي أضعف وأحقر من أن يغالب كيد الله القوي العليم.
سورة الطارق مكتوبة كاملة بالتشكيل
بعدما تعرفنا على تفسير سورة الطارق، نقدمها لكم مكتوبة كاملة بالتشكيل كالتالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ (1) وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلطَّارِقُ (2) ٱلنَّجۡمُ ٱلثَّاقِبُ (3) إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ (4) فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ (6) يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ (7) إِنَّهُۥ عَلَىٰ رَجۡعِهِۦ لَقَادِرٞ (8) يَوۡمَ تُبۡلَى ٱلسَّرَآئِرُ (9) فَمَا لَهُۥ مِن قُوَّةٖ وَلَا نَاصِرٖ (10) وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجۡعِ (11) وَٱلۡأَرۡضِ ذَاتِ ٱلصَّدۡعِ (12) إِنَّهُۥ لَقَوۡلٞ فَصۡلٞ (13) وَمَا هُوَ بِٱلۡهَزۡلِ (14) إِنَّهُمۡ يَكِيدُونَ كَيۡدٗا (15) وَأَكِيدُ كَيۡدٗا (16) فَمَهِّلِ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَمۡهِلۡهُمۡ رُوَيۡدَۢا (17) صدق الله العظيم.
سبب نزول سورة الطارق
قيل في سبب نزول سورة الطارق بالآيات الثلاثة الأولى منها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسًا مع أبي طالب، ثم نزل نجمًا ملأ الأرض نورًا، ففزعَ أبو طالبٍ حينها، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فأجابه بأنه نجمٌ رُمي به، وأن هذا النجم إنما هو آيةٌ من آياتِ الله، فأنزل الله قوله تعالى بداية سورة الطارق: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ* النَّجْمُ الثَّاقِبُ).