هدنة غزة 2025.. ماذا بعد مكالمة السيسي وبايدن وموافقة السنوار؟
في تطور سياسي هام نحو تهدئة الأوضاع في غزة، من المتوقع أن يتم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع غدًا، بعد سلسلة من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي استهدفت وقف التصعيد العسكري المتواصل منذ شهور؛ تكللت هذه الجهود بمكالمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي جو بايدن، حيث تبادل الزعيمان آراءهما حول سبل تعزيز الاستقرار في غزة، ودعما للوساطة المصرية التي كانت في قلب المفاوضات.
أحد أبرز التطورات التي سبقت الإعلان عن الاتفاق كان موافقة محمد السنوار، قائد حركة حماس في قطاع غزة، على الاتفاق، الموافقة جاءت بعد مفاوضات ماراثونية تم خلالها إدخال بعض التعديلات الطفيفة على بنود الهدنة، وهو ما يعكس دقة وحساسية هذه المفاوضات، ورغم أن حماس قد أبدت تحفظات في الماضي على بعض شروط الهدنات السابقة، إلا أن الضغوط المصرية والدولية كانت حاسمة في إقناع الحركة بالموافقة على هذه الهدنة.
من المتوقع أن يتم الإعلان الرسمي عن الصفقة في القاهرة غدًا، على أن يتم توقيع الاتفاق اليوم. بعد التوقيع، من الضروري أن يتم تصديق الاتفاق في الحكومة الإسرائيلية (الكابينت)، حيث قد يواجه الاتفاق بعض المعارضة من وزراء حزب "عوتسما يهوديت" وحزب "الصهيونية الدينية"، ما قد يؤثر على تنفيذ الهدنة على الأرض.
لكن السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هو: هل ستكون هذه الهدنة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع؟ في السنوات الماضية، كانت حماس ترفض بعض شروط الهدنات بشكل متكرر، مما يجعل التنفيذ مسألة معقدة. وعلى الرغم من أن هذه المرة يوجد توافق مبدئي، فإن التحدي الأكبر يبقى في ضمان التزام الأطراف المعنية بالهدنة، خصوصًا في ظل استمرار التوترات السياسية والعسكرية في المنطقة.
من جانب آخر، بينما تبقى الهدنة خطوة مهمة نحو تهدئة الأوضاع العسكرية، تظل المخاوف حول الوضع الإنساني في غزة قائمة. القطاع يعاني من أزمة إنسانية خانقة منذ أكثر من 16 شهرًا من العدوان الإسرائيلي، ولا يمكن للهدنة وحدها أن تحل هذه الأزمة بشكل كامل. فالاحتياجات الأساسية للسكان مثل الطعام والماء والرعاية الصحية لا تزال في وضع كارثي، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الهدنة على الواقع الإنساني.
بجانب ذلك، لا تقتصر أهمية هذه الهدنة على الجانب العسكري والإنساني فقط، بل لها تأثيرات سياسية بعيدة المدى. فالإعلان عن الهدنة يعكس أيضًا دور مصر كوسيط رئيسي في المنطقة، ويسلط الضوء على العلاقة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن في هذا السياق. كما أن الدور الأمريكي في التوصل إلى هذه الهدنة يعكس تحركات واشنطن الرامية إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة، وهو ما يعزز النفوذ الأمريكي في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
إضافة إلى ذلك، تبقى تساؤلات كثيرة حول كيفية تأثير هذه الهدنة على الأوضاع السياسية في المنطقة، خاصة على مستوى الحلول طويلة الأمد. فالهدنة، رغم أهميتها، قد لا تكون كافية لإنهاء الصراع بشكل نهائي، وقد تفتح المجال لمفاوضات أكثر شمولًا تشمل قضايا أوسع مثل حقوق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، ومسألة القدس، بالإضافة إلى العوائق السياسية القائمة بين الأطراف المختلفة.
ورغم ذلك، تبقى هذه الهدنة خطوة نحو التهدئة قد تفتح المجال لمزيد من التفاهمات بين الأطراف المعنية. إذا توافرت الإرادة السياسية، يمكن أن تكون الهدنة بداية لمرحلة جديدة من الجهود لتحقيق حلول مستدامة تؤدي إلى استقرار طويل الأمد في المنطقة، وتساهم في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.