واجهوا الرصاص بالكلمة والصورة.. شهداء الصحافة في غزة أبطال الصفوف الأولى بالحرب
على مدار 15 شهرًا من حرب غاشمة ودموية على قطاع غزة، لم تتوقف التغطية الصحفية من داخل القطاع ولو للحظة، حيث يجاهد المجاهدون بالسلاح دفاعًا عن الأرض، بينما يوثق الصحفيون بالقلم والكاميرا جرائم المحتل الغاشم، متشبثون بالصفوف الأولى بالميدان في مواجهة الرصاص.
منذ 7 أكتوبر 2023، ينقل صحفيو غزة الحدث، غير مبالين لرصاصات العدو حتى يصبحون هم الحدث نفسه، بعد الاستهداف المباشر لهم من قبل إسرائيل، ليروح ضحية حرب طوفان الأقصى نحو 204 شهداء، وفقًا لأخر إحصاء رسمي من قبل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يوم الثلاثاء الماضي، فيما قالت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، إن 198 صحفيا استشهدوا منذ بدء العدوان على فلسطين في السابع من أكتوبر عام 2023، وحتى اليوم الأحد.
بدأ نزيف دماء صحفيي غزة، منذ اليوم الأول في الحرب، والبداية كانت باستشهاد المصور الصحفي محمد الصالحي، صباح يوم الثلاثاء 7 أكتوبر، خلال تغطيته الأحداث على الشريط الحدودي، وكان آخر ما وثقه بعدسته لقطات لهروب أطفال المدارس وبعض العمال الكادحين في الشوارع.
وفي 7 يناير 2024، استشهد الصحفي حمزة الدحدوح، نجل الصحفي المعروف وائل الدحدوح، ليلحق بـ 12 فردًا من أفراد أسرته استشهدوا نهاية شهر أكتوبر الماضي، بينهم شقيقه وشقيقته ووالدته، بعد استهداف مباشر له هو ورفيقه مصطفى الثريا غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة.
«90 يوما من العذاب.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. الحمد لله على قدره ولا اعتراض على حكمه»، بتلك الكلمات وصف الشهيد الصحفي مصطفى ثريا، حال وطنه فلسطين قبل ارتقائه شهيدًا بيومين فقط، جراء قصف إسرائيلي استهدف سيارة صحفيين بخان يونس جنوب قطاع غزة، رفقة الشهيد الصحفي حمزة، نجل مراسل الجزيرة وائل الدحدوح.
وجاء استشهاد الصحفيين حمزة وائل الدحدوح ومصطفى ثريا، ضمن سلسلة من الاستهدافات الإسرائيلية للصحفيين في قطاع غزة، حيث سبق واستشهد المصور سامر أبو دقة هو الآخر بعد ساعات من إصابته؛ بسبب قصف إسرائيلي، بعد محاصرته من قوات الاحتلال -غارقًا في جراحه- داخل مدرسة في خان يونس، ومنع وصول سيارات الإسعاف إليه لساعات طويلة، ليفارق الحياة.
إسماعيل الغول، بطل آخر من أبطال صحفيي غزة، اغتالته إسرائيل عمدًا في أثناء مباشرته لعمله الصحفي مع المصور رامي الريفي خلال تغطيتهما تجمعًا للأهالي أمام منزل الشهيد إسماعيل هنية في غزة، عقب اغتياله هو الآخر في إيران خلال شهر يوليو الماضي، ووثقت كاميرات زملائه المشهد الدامي لاغتياله، حيث فصلت رأسه عن جسده، في مشهد يصعب على الأذهان نسيانه.
الغول صاحب الـ 27 ربيعًا، سبق وتم اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي في مستشفى الشفاء في منتصف مارس 2024 بعد اقتحام قوات الاحتلال المستشفى بدعوى أن المقاومة تتخذه مقرا عسكريا، وكان حينها يباشر ابن مخيم الشاطئ عمله الصحفي.
«أنا استشهدت، هذه وصية لي بعد سنة من الحرب.. أنا كتير مرتاح ومبسوط بكل حاجة عملتها، ويشهد الله أنني أديت الأمانة على أكمل وجه، كان نفسي أعيش أكثر بس ربنا شاء إن ارتقي شهيدًا»، كانت تلك الكلمات آخر التي خرج بها الصحفي احمد هشام، والذي لقى حتفه في آخر اللحظات التي سبقت توقيع الهدنة بين حماس والكيان المحتل، حيث استمرت إسرائيل في استهدافها المباشر للصحفيين حتى دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيز التنفيذ صباح اليوم الأحد.