الثلاثاء 25 مارس 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

إقالة رئيس الشاباك.. تفاقم أزمة رونين بار والمحكمة العُليا تصدم نتنياهو

الجمعة 21/مارس/2025 - 09:21 م

في ساحة السياسة الإسرائيلية المحتدمة، جاء قرار المحكمة العُليا بتجميد إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، ليعكس التوتر المتزايد بين السلطة التنفيذية والقضائية في إسرائيل.

القرار الذي صدر اليوم الجمعة، لم يكن سوى خطوة أخرى في مواجهة مفتوحة بين حكومة بنيامين نتنياهو والمحكمة العليا، في وقت تتشابك فيه الحسابات السياسية مع الأبعاد الأمنية والاعتبارات القانونية.

بدأت الأزمة مساء الخميس، عندما أعلنت حكومة نتنياهو قرارها بإقالة رونين بار من منصبه، لم يمرّ القرار بهدوء، إذ سارعت المعارضة وجمعيات مدنية إلى تقديم خمس التماسات إلى المحكمة العليا.

طالبت خلالها بوقف تنفيذ الإقالة، مستندة إلى شبهة تضارب المصالح، بالنظر إلى أن جهاز الشاباك يحقق في قضايا تمس مقربين من رئيس الوزراء.

القاضية جيلا كنفي - شتاينيتس، التي أصدرت قرار التجميد، أوضحت أن المحكمة لم تتخذ موقفًا بشأن مضمون الالتماسات، لكنها رأت ضرورة التدخل؛ لمنع وقوع وضع لا رجعة فيه.

القرار المؤقت يعني أن رئيس جهاز الشاباك سيظل في منصبه على الأقل حتى جلسة المحكمة المرتقبة في 8 أبريل.

مواجهة إسرائيلية

قرار المحكمة أحرج حكومة نتنياهو، التي كانت تعوّل على سرعة تنفيذ إقالة رئيس جهاز الشاباك لإعادة ترتيب أوراقها داخل الجهاز الأمني.

المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف - ميئرا، سارعت إلى توجيه تعليمات واضحة إلى نتنياهو بعد صدور القرار: يُمنع تعيين بديل لبار أو إجراء مقابلات مع مرشحين للمنصب حتى صدور حكم المحكمة.

لكن نتنياهو، الذي بدا ممتعضًا من تدخل المحكمة، لم يتردد في الرد عَبَرَ منشور له على منصة X، كتب: إسرائيل دولة قانون، والحكومة هي التي تقرر من سيكون رئيس الشاباك، وأضاف تحذيرًا لافتًا: لن تكون هناك حرب أهلية.

وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ذهب أبعد من ذلك في تحدي المحكمة، معتبرًا أن قضاة المحكمة العليا لن يديروا الحرب، ولن يقرروا من سيكون قادتها. 

ما وزير الاتصالات، شلومو كراعي، فقد وجه انتقادًا مباشرًا للقاضية كنفي-شتاينيتس، قائلًا إن أمركِ القضائي باطل.. الشعب هو السيّد.

على الجانب الآخر، أبدى وزير الداخلية موشيه أربيل موقفًا أكثر براغماتية، مؤكدًا أن حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو لن تنتهك قرارات المحكمة.

تضارب مصالح

وراء الجدل القانوني والسياسي، يبرز ملف تضارب المصالح كمحرك رئيسي في هذه الأزمة، الالتماسات التي قُدّمت ضد قرار الإقالة أشارت بوضوح إلى أن الشاباك يحقق مع شخصيات مقربة من نتنياهو، يُشتبه في تلقيها أموالًا من جهات تعمل لصالح قطر.

المعارضة وصفت الإقالة بأنها تصفية حسابات، جاءت بعد أن أشار الشاباك إلى مسؤولية المستوى السياسي عن فشل 7 أكتوبر، حين نجحت حماس في اختراق الحدود الإسرائيلية وشن هجوم واسع النطاق.
في هذا السياق، تبدو خطوة إقالة بار وكأنها محاولة لتقليم أظافر الجهاز الأمني، لا سيما بعد التقارير التي حمّلت القيادة السياسية، وليس الأمنية، مسؤولية الإخفاق.

المعارضة ترى أن نتنياهو يسعى إلى إحكام السيطرة على الأجهزة الأمنية لمنع أي تداعيات سياسية أو قانونية قد تطيح به.

إشارات متضاربة

موقف الحكومة بدا متباينًا، حتى داخل كتلة نتنياهو. حزب شاس، الشريك الرئيسي في الائتلاف، أصدر بيانًا يدعم قرار الإقالة، لكنه أكد أن وزيرين بارزين في الحزب – يعقوب مرجي وميخائيل مالكيئيلي – لم يشاركا في التصويت. غيابهم طرح تساؤلات حول مدى تماسك الائتلاف في هذه المرحلة الحرجة.

في المقابل، أظهرت المعارضة جبهة موحدة في معارضة الإقالة، معتبرة أنها تهدف إلى التستر على فشل الحكومة في 7 أكتوبر، ومحاولة لإعادة رسم المشهد الأمني بما يخدم مصالح شخصية لرئيس الوزراء.

إقالة رئيس جهاز الشاباك ليست حدثًا معزولًا؛ إنها امتداد لصراع أوسع حول توازن القوى في النظام السياسي الإسرائيلي. 

حكومة نتنياهو تخوض مواجهة مفتوحة مع المحكمة العليا منذ شهور، في إطار خطة الإصلاح القضائي التي تسعى إلى تقليص صلاحيات المحكمة في مراجعة قرارات الحكومة.

لكن هذه المرة، الرهان أكبر من مجرد تعديل قانوني؛ إقالة بار تمس الأمن القومي بشكل مباشر. الشاباك ليس مجرد جهاز أمني، بل هو قلب المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، وقرار تغييره في ظل تصاعد التوتر على الجبهة الجنوبية مع حماس، وفي الضفة الغربية، وفي مواجهة التهديدات الإقليمية، يحمل مخاطر استراتيجية.

المعادلة المعقدة

في الأيام المقبلة، ستتجه الأنظار إلى المحكمة العليا، التي ستجد نفسها أمام معضلة قانونية وسياسية معقدة: هل تملك الحكومة الحق المطلق في تعيين أو إقالة رئيس الشاباك؟ أم أن المحكمة تحتفظ بحق التدخل عندما تكون الاعتبارات السياسية متداخلة مع الأمن القومي؟

إذا أيدت المحكمة قرار الحكومة، سيعزز ذلك سلطة نتنياهو في إعادة تشكيل المنظومة الأمنية وفقًا لرؤيته السياسية، أما إذا ألغت القرار، فسيكون ذلك انتصارًا مدويًا للسلطة القضائية، وصدمة لحكومة نتنياهو، التي قد تجد نفسها في مواجهة أزمة ثقة داخل الائتلاف الحاكم.

في الحالتين، النتيجة واحدة: إسرائيل تدخل مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي، حيث تتداخل الحسابات الأمنية مع الصراعات السياسية، في معادلة تبدو قابلة للانفجار في أي لحظة.

تابع مواقعنا