"لسه الدنيا بخير"
• من سنتين بالظبط كان الأستاذ "أسامة عثمان" مدرس اللغة الإنجليزية مراقب دور في واحدة من لجان امتحانات ثانوية عامة في واحدة من قرى محافظة الجيزة.. راجل محترم وفي حاله ومتميز في شغله وثقة الطلبة وباقي زمايله فيه كبيرة.. أثناء واحد من الامتحانات وتحديدًا في لحظة توزيع أوراق امتحان الجيولوجيا لاحظ إن فيه طالبة مكانها فاضي!.. سأل زميلاتها هي تعبانة؟.. البنات ردوا إن لأ يا أستاذ دي حتى كانت لحد الفجر بتتواصل معانا عادي!.. الله!.. أومال ماجتش ليه!، أكيد فيه حاجة.. الفكرة إن البنت من الشاطرين وأكيد غيابها ده له سبب قهري!.. فكر إنه يطلب رقم تليفونها من حد من البنات بس للأسف محدش كان جايب معاه موبايله عشان ممنوع.. والحل؟.. في ثواني فكر وقرر ينفذ.. سأل حد على عنوان بيتها، وخرج من المدرسة جرى ووقف توك توك وطلع على عنوان البنت.. كانت الساعة 9 وربع، والميزة إن البيوت في القرية قريبة من بعض فوصل بسرعة وبمجرد ما بقى قدام باب البيت بدأ يخبط بشكل متتالي ومزعج شوية!.. المفاجأة إن كل أفراد البيت بالبنت بأسرتها راحت عليهم نومة وصحيوا مخضوضين بسبب الخبط بتاعه!.. أول ما شاف البنت وعرف إن هي قال لها بإبتسامة بشوشة ماتقلقيش أنا مراقب اللجنة ويالا بسرعة إلبسي إسدال أو أى حاجة بسرعة ولسه فيه وقت.. البنت لبست في ثواني وأخدت أدواتها وركبوا التوك توك ووصلوا اللجنة الساعة كام؟.. 9 ونص!.. يعني كل ده حصل في ربع ساعة بس!.. وهو مين فينا قبل كده محصلش إن هو وأهل بيته كلهم ماراحتش علينا نومة؟.. معظمنا طبعًا.. البنت لحقت الامتحان بسبب الراجل ده اللي ربنا جعله سبب إن مستقبلها مايضيعش خصوصًا إن البنت فعلًا شاطرة!.. في لحظة من اللحظات ممكن مستقبل شخص يتوقف على قرار منك.. مجرد قرار.
• من 5 سنين وقبل زيادة الأسعار المهولة اللي حصلت في أسعار العربيات أهالينا الصعايدة فى قرية "الدبابية" التابعة لمركز "إسنا" في محافظة الأقصر عملوا تصرف إنساني وحركة فى قمة النبل.. لما الأهالي لاحظوا إن القرية فيها حوالي 30 مريض بالفشل الكلوي، وكلهم بيحتاجوا يروحوا يعملوا غسيل كلى فى مستشفي إسنا العام اللي بتبعد عن القرية حوالى 25 كيلو، وكتير من المرضى بتكون مواعيد جلساتهم في وقت متأخر بالليل، ومابيكونش فيه مواصلات ده غير إن المشوار هيكلف المريض لو هياخد عربية مخصوص حوالي 200 جنيه قرروا يلموا من بعض ويشتروا ميكروباص يبقى مخصص لنقل الناس للمستشفى مجانًا!.. جمعوا 60 ألف جنيه وإشتروا عربية مستعمله، وبدأوا فعلًا في نقل الناس كل يوم بس مع الوقت وعشان العربية نص عُمر زي ما بيقولوا كانت أعطالها كتير فقرروا يجمعوا من بعض تاني، وإشتروا ميكروباص جديد تمامًا!.. إجمالي المبلغ اللي تم تجميعه 150 ألف جنيه، والميكروباص جديد ثمنه أساسًا 220 ألف جنيه.. بس صاحب المعرض واللي مش أقل جدعنة منهم لما عرف الغرض اللي بيتم شراء الميكروباص عشانه قرر يقسط لهم الباقي بدون فوايد!.. واحد من الأهالي اللي شاركوا فى الموضوع بيقول فى حوار صحفي: (أهالينا لما بيروحوا مواصلات بيتعبوا وكمان ساعات مبيلاقوش بالليل وكمان بيحتاجوا حد جمبهم يراعيهم، والمسافة بين القرية والمستشفى 25 كيلو متر، وعندنا عم محمود هو اللي بيسوق العربية، والعربية ممكن تروح للمستشفي كل يوم 3 مرات رايح جاى بس مش مهم عشان محدش يتبهدل).. الصعايدة جدعان.. زيهم زي كل أهل مصر لما بيلاقوا حد وضعه صعب، ومهما كانت ظروفهم هما كمان لكن بيمدوا إيديهم يسندوه ويشدوه باللي يقدروا عليه.
• السنة اللي فاتت فيه عدد من قرايبي كانوا راجعين بعد الفجر من أحد الأفراح اللي كانوا حاضرينها في أسوان.. اللي يعرف الأفراح النوبية عندنا هيكون عارف إنها بتبتدي في وقت متأخر وبتخلص قُرب الفجر بشوية.. وهما راجعين اتعرض الأتوبيس اللي كانوا راجعين فيه لحادثة بعد اصطدامه بعربية نقل كبيرة.. النتيجة للأسف إن فيه 8 اتوفوا والباقيين اتنقلوا للمستشفى في أوضاع حرجة مختلفة.. معظم الحالات كانت محتاجة نقل دم.. كتبت عندي على حسابي على فيسبوك الخبر وطلبت من أى حد عنده القدرة على التبرع بالدم يتوجه لمستشفى كذا ومستشفى كذا ومستشفى كذا لإن من ضخامة العدد تم توزيع المصابين على 3 مستشفيات.. من ضمن الناس اللي راحت فوجئ قرايبي بـ مجموعات ضخمة من الشباب جايين عشان يتبرعوا!.. أنتم مين؟.. إحنا اللي باعتنا "حسام".. مين "حسام"؟.. مش بيردوا!.. اتصلوا بيا يسألوني أنت بعتت حد اسمه "حسام"؟.. قولتلهم لأ أنا ماطلبتش الطلب من حد معين أنا كتبت بس.. عشان يكتشفوا بعد كده وأنا معاهم إن "حسام" ده شاب مصري أصيل وجدع قرأ البوست بتاعي ومايعرفنيش بشكل شخصي فأتصل بزمايله اللي كانوا في رحلة في نفس المحافظة اللي قرايبي فيها وطلب منهم إنهم يقسموا نفسهم ويطلعوا على الـ 3 مستشفيات يتبرعوا بالدم للمصابين.. الغريب إن زمايله وافقوا بدون ما هما كمان لا يكونوا عارفين قرايبي ولا عارفيني!.. أنا مقدرتش أوصل لـ "حسام" ده بعد كده بالمناسبة ولا هو حاول يتواصل معايا بس التصرف بتاعه وبتاع زمايله أكدلي إن الخير هيفضل موجود للأبد طول ما ولاد الحلال موجودين.
• الخير دايرة، والشر دايرة.. زى ما بتعمل زى ما هيتعمل معاك.. فعل الخير مش بيضيع، والنية الحلوة جزاءها رزق كبير، واللسان اللي صاحبه بيراعي غيره ودانه مش هتسمع غير لُطف، والقلب اللي مش بيشيل غير محبة عُمر الخوف ما هيسكنه.
