الخميس 11 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

هل أتاكم نبأ القمة العربية في العراق؟

السبت 17/مايو/2025 - 04:37 م

من المؤسف للغاية أن القمم العربية أصبحت بالنسبة لشعوب العرب عبارة عن طقس سنوي لا يأبه أحد بمتابعته أو معرفة مخرجاته أو توصياته، بل ربما لم يُعرِ البعض اهتمامًا بتاريخ موعد الانعقاد أو حتى البلد المستضيف للفعاليات، ما يعني انعدام ثقة الشعوب في أي تحرك رسمي من جانب الحكومات.

اللافت للنظر في القمة الأخيرة الرابعة والثلاثين التي عقدت في العاصمة العراقية بغداد، أنها تعتبر الأقل أهمية واهتمامًا عن سابقاتها رغم سخونة الأحداث في الوطن العربي، فما بين غزة التي تنزف دمًا كل يوم، والسودان الجريح الذي لا يكاد يلتئم حتى تعود الفوضى إليه مرة أخرى، وليبيا التي تفجرت فيها الأوضاع فجأة وصارت هي الأخرى أكثر سخونة خلال الساعات الماضية، ناهيك عما يحدث في اليمن، والتوترات التي يشهدها البحر الأحمر، وسوريا التي أصبحت حديث العالم كله بعد مصافحة ترامب لأحمد الشرع ورفع العقوبات عنها، لكن كل ذلك لم يكن مهمًا بالنسبة للقادة العرب الذين لم يحضروا بشخصهم واكتفوا بتمثيل دبلوماسي يقل عن المستوى الرئاسي.

في القمة العربية الأخيرة، حضر 5 زعماء عرب من أصل 22 دولة، كان في مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر تميم بن حمد، والرئيس الصومالي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، والرئيس اليمني.

كما كان تمثيل أبرز الدول الأخرى مثل: لبنان والأردن رئيس الوزراء، والإمارات وعُمان نائب رئيس الوزراء، كما حضر عن السعودية والكويت وسوريا وتونس والجزائر والبحرين والمغرب وجيبوتي وزراء الخارجية.

انعقدت القمة وغاب العرب كعادتهم، غابوا حتى عن الاهتمام بقضاياهم الجوهرية، لم يُطالبهم أحد بأن يكون لهم دور في تغيير العالم، كل ما تطلبه الشعوب سماع صدى مشكلاتهم في مثل هذه اللقاءات، لكن هذا لم يحدث، تخيّل وسط دماء غزة التي تُسال، غاب العرب وحضر رئيس وزراء إسبانيا ليعلنها للعالم مدوية: “أنا لست منكم لكنني معكم”، قالها ولم يتراجع: “ما يحدث في غزة مجزرة والسكوت عنه جريمة”.

ثقيلة على النفس أن يُنصفك الغرباء ويخذلك الأقربون، ربما لم يفق العرب المتغيبون عن القمة من زيارة ترامب، وقرروا أن يأخذوا بعدها قسطًا من الراحة، واكتفوا بـ"تمثيل مشرف" في قمة يرونها “عادية” لا ترقى إلى أن يُعفّروا تراب نعالهم ليذهبوا إليها، خصوصا أنها كانت منعقدة صباحًا، فلربما هم يسهرون على راحة شعوبهم ومجد دولهم، فلا يستطيعون الاستيقاظ مبكرًا.

وفي وسط الصمت وعدم الاهتمام العربي، كانت مصر حاضرة وبقوة، رئيسها يقف في وجه العالم ضد مخططات التهجير، صوته واضح ضد ما يُحاك للوطن العربي من مؤامرات، كلامه حاسم عن مستقبل فلسطين وشعبها، مؤكدًا أن السلام الحقيقي لن يتأتى إلا بدولة فلسطينية مستقلة، وقف رئيس مصر ليُعلن للعالم كله أنه حتى لو نجحت إسرائيل في توقيع اتفاقيات تطبيع مع كل الدول العربية، فإن السلام الحقيقي سيبقى بعيدًا ما لم يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه.

من غاب عن القمة العربية اليوم، غاب عن الضمير الإنساني، غاب عن وجع أشقائه، واختار مصالحه الشخصية، وتبقى مصر هي الدرع والسند لكل ضعيف لا يملك من أمره شيئًا، ولو كره الكارهون.

تابع مواقعنا