حرب الإعلام.. "إيران بالعربية" في مواجهة "إسرائيل تتكلم بالعربية"
لم تعد الحرب في الشرق الأوسط تخاض بالصواريخ فقط، بل أصبحت المعارك الإعلامية أداة رئيسية في كسب العقول والقلوب، ومن أبرز تجليات هذه المواجهة الحديثة، اشتعال حرب الروايات بين حسابات ناطقة بالعربية تديرها كل من إيران وإسرائيل، تستهدف المتابع العربي.
في السنوات الأخيرة، أطلقت إيران حسابا رسميا على منصة إكس، تويتر سابقا، وجميع المنصات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت اسم إيران بالعربية، يعكس وجهة نظر النظام الإيراني باللغة العربية، ويركز على قضايا المقاومة، ودعم القضية الفلسطينية، والهجوم على السياسات الغربية والإسرائيلية في المنطقة.

في المقابل، تدير وزارة الخارجية الإسرائيلية حسابا باسم إسرائيل تتكلم بالعربية، تسعى من خلاله لتقديم صورة أكثر اعتدالا عن إسرائيل، والتقرب من الجمهور العربي عبر رسائل سلام ومحتوى ثقافي وسياسي مخطط بدقة.

اللافت أن كلا الطرفين يستخدم أدوات البروباجندا الناعمة ويستهدف التأثير النفسي والعاطفي على الجمهور العربي، خاصة في أوقات التصعيد العسكري أو السياسي. فبينما تعتمد إيران على رمزية القدس والمقاومة والمظلومية، تركز إسرائيل على إظهار نفسها كدولة منفتحة تدعو إلى الحوار، وتحاول استقطاب التأييد العربي لتوجهاتها أو على الأقل تشتيت التعاطف مع خصومها.

هذه الحرب الإلكترونية باتت جبهة قائمة بذاتها، تدار بحسابات رسمية وفرق محترفة من المحررين والمترجمين والمحللين النفسيين. وهي لا تقل ضراوة عن المواجهات على الأرض، بل قد تكون أكثر خطورة على الوعي الجمعي، خصوصا مع غياب الوعي الإعلامي النقدي لدى جزء كبير من المتلقين.

ورغم الخلافات السياسية والمذهبية بين إيران وعدد من الدول العربية، إلا أن العدوان الإسرائيلي الأخير أعاد ترتيب الأولويات، حيث ظهر إجماع عربي وإسلامي على إدانة الهجمات باعتبارها اعتداء على دولة مسلمة، وخرقا واضحا للقانون الدولي.
هذا التضامن لم يبنى على تقارب سياسي بقدر ما هو موقف مبدئي ضد إسرائيل، التي يراها الكثيرون في المنطقة العدو الأول للعرب والمسلمين، والمسؤولة عن أطول صراع دموي في الشرق الأوسط
فقد أصدرت دول كـ مصر والسعودية والإمارات وقطر وباكستان، إلى جانب الأزهر الشريف ومنظمة التعاون الإسلامي، بيانات صريحة تدين العدوان الإسرائيلي وتعتبره انتهاكا صارخا للسيادة الإيرانية. البعض وصفه بـ البلطجة الصهيونية، وآخرون دعوا إلى التحرك الدولي لردع إسرائيل.



