19 ضحية من الحلم إلى النعش.. تحية لـ وزير النقل

كتب القدر نهاية قاسية لـ18 طالبة، خرجن من بيوتهن البسيطة فجرًا بحثًا عن مستقبل يليق بأحلامهن، لكن الطريق الإقليمي بالمنوفية قرّر أن يكون محطة النهاية لا بداية الرحلة.

في مشهد يعيد إلى الأذهان مرارة التكرار، لقيت 18 فتاة مصرعهن وسائق في حادث مروع على الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، ومع أن الألم لا يحتمل والفقد جلل، فإن غياب وزير النقل عن المشهد بدا أكثر قسوة من الحادث نفسه.

لا بيان رسمي صدر، لا نعي للضحايا، لا زيارة لأسرهن، ولا حتى ظهور إعلامي واحد يواسي فيه الوزير عائلات الفتيات، أو يوضح للرأي العام كيف وقع الحادث، ومن المسؤول، وما هي الإجراءات التي ستتخذ حتى لا يتكرر مرة أخرى.

الضحايا بكل أسف يخرجن كل صباح في ساعات الفجر الأولى، يستقللن وسائل نقل رخيصة، يقطعن عشرات الكيلو مترات بين محافظة وأخرى، فقط لأن أحلام الطبقة الفقيرة لا تجد مقعدًا مريحًا في هذه الأيام.

حتى اللحظة، لم يُسأل وزير النقل أمام البرلمان، لم تُتح تحقيقات شفافة تعلن نتائجها للناس، ولم تُطرح أسئلة عن البنية التحتية للطريق، أو الإشارات، أو مدى التزام النقل الجماعي بالضوابط، وكأن أرواح 19 ضحية لا تعني شيئًا.

نحن لا نتحدث فقط عن حادث، بل عن منظومة فقدت القدرة على تحمل المسؤولية، وعن مسؤولين اعتادوا التواري عند الكوارث، والظهور فقط عند قصّ الشريط.

إذا لم يُحاسب وزير، ولم يُستجوب مسؤول، ولم تُطرح الأسئلة، فإن الطريق مفتوح لحوادث جديدة، وضحايا قادمين.

وسيظل الطريق الإقليمي يلتهم أرواح الفقراء حتى تتحقق العدالة ويحضر المسؤولون.. ويبقى الأهالي هم الحاضرين الوحيدين، يشيعون بناتهم وسط دموع وذهول وسؤال يتردد: "ماتوا ليه؟ وعلشان إيه؟".