الخميس 11 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

إعلاء قيمة السعي والعمل موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم| نص الخطبة

صلاة الجمعة
أخبار
صلاة الجمعة
الجمعة 15/أغسطس/2025 - 12:47 م

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم، 15 أغسطس 2025 الموافق 21 صفر 1447هجريا، بعنوان: إعلاء قيمة السعي والعمل.

وأكدت وزارة الأوقاف على جميع الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن خمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية.

نص خطبة الجمعة

الحمد لله الذي أمر بالسعي والعمل، وجعله طريقًا للعز والأمل، ونهى عن البطالة والكسل، وأمر بالتوكل المقرون بالأخذ بالأسباب، فقال في محكم الكتاب: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، خير من سعى، وأكرم من اكتسب، وأعف من طلب، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أولي العزم والهمم، أما بعد:

فإن الإسلام دين الجد والاجتهاد، لا دين الكسل والركود، هو دين السعي المبرور، لا التواكل المذموم والمردود، فليس العمل في شرع الله مجرد سعي دنيوي، بل هو عبادة يبتغي بها العبد وجه الله، ووسيلة للعفة والكفاف، وسبيل للكرامة والشرف، قال تعالى: {وقل ٱعملوا فسيرى الله عملكم ورسولهۥ وٱلمؤمنون}.

عباد الله تأملوا، لقد سوى النبي ﷺ بين السعي على العيال وبين الجهاد في سبل المعالي، فقد مر رجل على النبي ﷺ، فرأى الصحابة جلده ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال ﷺ: «إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبويه شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله».

أيها المسلمون، علموا أولادكم أن العمل باب من أبواب العزة، وركن من أركان الكرامة، ووسيلة لبناء الذات، وتحقيق الاستقلال عن الخلق والارتباط بالخالق وحده، فقد ربى النبي ﷺ أصحابه على ذلك، فعن أنس رضي الله عنه أن رجلًا جاء يسأله، فأرشده إلى بيع ما يملك؛ ليبدأ الكسب، وقال له: «اشتر طعامًا لأهلك، وقدومًا فاحتطب، ولا أراك خمسة عشر يومًا»، ففعل، وجنى عشرة دراهم، واشترى بثمنها طعامًا وثوبًا، فقال له النبي ﷺ: «هذا خير لك من أن تجيء يوم القيامة والمسألة في وجهك نكتة، لا تصلح إلا لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، أو دم موجع»، تأملوا أيها الكرام هذا التوجيه النبوي العظيم، كيف يجعل العمل الحر الكريم أفضل من ذل السؤال؛ ليغرس في النفوس معنى التوكل الصادق الذي لا ينفي بذل الجهد، ولا يسقط عن المرء التكليف بالسعي.

أيها المكرم، إن المسلم مأمور أن يأخذ بالأسباب، ويجتهد في تحصيل المعاش بالحلال، وأن يحسن النية في كل عمل، فيتحول سعيه إلى عبادة، ويصير كسبه في موازين الحسنات، وفي ذلك هذا البيان النبوي البديع ﷺ: «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده».

فيا من تطلبون المجد وتبتغون الكرامة: اعلموا أن الرزق لا ينال بالأماني، ولا تنال الرفعة بالتمني، ولكن بالسعي والبذل، والعمل والمثابرة، فقد قال سبحانه: {وأن ليس للإنسٰن إلا ما سعىٰ * وأن سعيهۥ سوف يرىٰ * ثم يجزىٰه ٱلجزآء ٱلأوفىٰ}.

ويا أبناء مصر جدوا؛ فإن نهضة الأمم لا تكون بالأحلام، بل بالأعمال، ولا تقوم بالأماني، بل بالتضحية والبذل والإتقان، والوطن لا يرتقي إلا إذا قدر أبناؤه قيمة العمل، واحترموا الحرف والمهن، وشجعوا شبابهم على الإنتاج والابتكار، وزرعوا فيهم أن اليد العاملة أحب إلى الله من اليد المتسولة، وأن الساعي في كسب رزقه بعز خير من المتكئ على الأعذار والتبرير!

أنسيتم أيها الكرام أن حضارة الإسلام المجيدة قامت على أكتاف العلماء والعمال، والفلاحين والصناع، والتجار والمفكرين، فأشرقت في السماء، وامتدت في الأرض، وما كان ذلك إلا لأنهم جمعوا بين الدين والدنيا، بين العبادة والعمل، بين العلم والإنتاج.

تابع مواقعنا