السبت 13 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

التمدد التركي في إفريقيا: من بوابة الاستثمار إلى القواعد العسكرية | تحليل

تمدد تركيا في أفريقيا
تقارير وتحقيقات
تمدد تركيا في أفريقيا
الخميس 28/أغسطس/2025 - 07:58 م

برزت تركيا كلاعب طموح يسعى إلى إعادة رسم خارطة نفوذه، متجهةً بخطى ثابتة نحو القارة الإفريقية، إذ لم يعد الحضور التركي في إفريقيا مجرد زيارات دبلوماسية أو اتفاقيات تجارية عابرة، بل تحوّل إلى استراتيجية متعددة الأبعاد تشمل التعاون العسكري، والاستثمار الاقتصادي، والتأثير الثقافي، وحتى التغلغل الإنساني عبر المساعدات والمنح التعليمية، مستفيدةً من رغبة العديد من الدول الإفريقية في تنويع شركائها بعيدًا عن الهيمنة الغربية التقليدية.

محاور تركيا للتمدد في أفريقيا

السفير دكتور صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية مساعد وزير الخارجية السابق، يرى أن الدور التركي يتنامى في إفريقيا عبر 4 محاور رئيسية تتمثل في المحاور: الأمني العسكري، السياسي، الاقتصادي، والاجتماعي.

ويوضح حليمة لـ القاهرة 24، أن تركيا تعمل على بناء علاقات متوازنة مع مختلف القوى الإقليمية والدولية في إفريقيا، وتسعى إلى تجنب الصدام المباشر مع منافسيها في القارة: "مثل إسرائيل وروسيا"، رغم التداخل في مناطق النفوذ، خصوصًا جنوب البحر الأحمر، إلى جانب لعبها دورًا دبلوماسيًا في ملفات حساسة، مستشهدًا بظهور انقرة كعامل للتهدئة فيما تعلق بمساعي إثيوبيا للحصول على منفذ بحري عبر إقليم أرض الصومال الانفصالي، الذي أثار تحفظات من دول إفريقية أخرى.

في ذات السياق، يرى مركزgisreportsonline المتخصص في الدراسات الجيوسياسية عالميًا، أن النشاط التركي في صحاري إفريقيا لا يقتصر على المكاسب الاقتصادية فحسب، بل يكشف أيضًا عن مرونة تركيا في سعيها لأن تصبح قوة دولية مؤثرة، وأن أنقرة أصبحت لاعبًا أمنيًا رئيسيًا في العديد من الدول أهما في منطقتي القرن الأفريقي وشمال أفريقيا، وكذلك في غانا وكينيا ونيجيريا ورواندا والسنغال، والآن في منطقة الساحل.

وهو ما يؤيده السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، بأن تركيا تسعى تركيا إلى توسيع نطاق نفوذها في القارة دبلوماسيًا بتعاظم عدد سفاراتها في إفريقيا من 12 سفارة عام 2002 إلى 44  سفارة بحلول عام 2024، ما وفر لها بنية دبلوماسية ومؤسسية نشطة تفتح آفاق للوجود التركي في أغلب الدول الإفريقية، وهو ما ساهم أيضًا في ارتفاع حجم التجارة بين تركيا وإفريقيا من 5.4 مليار دولار عام 2003 إلى نحو 40 مليار عام 2022.

القوة الناعمة مفتاح الحلول

مضيفًا لـ القاهرة 24، أن التواجد التركي متعدد الأبعاد من بينها المساعدات الدبلوماسية عبر مؤسسة Tika وهي مؤسسة حكومية معنية بالتنمية والتعاون الدولي، وتتواجد في 21 دولة إفريقيا، وتستخدم عادة لفتح الأسواق وبناء القبول والحضور المتميز في المجتمعات الإفريقية ثم تتبعها شراكات تجارية واستثمارية ليتم توفيق القوى الناعمة للقبول الاجتماعي ثم الدخول بقوة اقتصاديًا.

تمدد تركيا في إفريقيا
تمدد تركيا في إفريقيا

كما أشار إلى أن أنقرة دأبت على استخدام الثقافة والدين لتعزيز حضورها في أفريقيا عبر مركز يونس إمره المتواجد بـ 191 منفذا بـ 25 دولة، ومؤسسة معارف المتخصصة في مجالات التعليم في 27 دولة إفريقيا بـ 189 مدرسة ومؤسسة تعليمية، ورئاسة الشؤون الدينية، وهما الجهات الثلاث التي تمثل عمود القوى الناعمة المؤثرة في تركيا، وكذلك عبر حضور سينمائي مميز لتركيا في إفريقيا، عبر بناء علاقات هامة مع النخب الشبابية لتعزيز تواجد تركيا مستقبلا.

واصفًا النفوذ التركي في القارة بأنه مقبول وعملي عبر كونه يقدم ما تحتاجه الدول الإفريقية من خلال الاقتصاد والتعليم والمساعدات الإنمائية والصفقات العسكرية، فتواجد تركيا في غرب إفريقيا يزاحم دول أخرى عبر انتشار النفوذ العسكري عبر الصفقات لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية للحكومات المتواجدة غرب إفريقيا إثر التخارج الأوروبي من تلك الدول، إلى جانب تواجدها في منطقة القرن الإفريقي كشريك أمني مع محاولة تهدئة الأمور ولعب دور الوسيط لتهدئة الأمور مع إثيوبيا.

أحلام الإمبراطورية العثمانية

بينما يرى الدكتور حمدي عبد الرحمن، خبير الشؤون الإفريقية، أن التمدد التركي في إفريقيا ينطلق من طموحات وطنية قوية وأحلام إمبراطورية تاريخية تستند على استخدام القوة العسكرية في البر والبحر جنبا إلى جنب مع الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية.

تمدد تركيا في إفريقيا
تمدد تركيا في إفريقيا

وأضاف عبد الرحمن، أن حالة الضعف والهشاشة التي تعانيها الدول الإفريقية مثل ليبيا والصومال تمثل وضعا مثاليا للاستغلال من قبل العديد من القوى للتدخل وعلى رأسها تركيا، وهو ما يكرر حالة التدافع الأولى على إفريقيا من قبل القوى الأوروبية خلال الفترة الإمبريالية.

كما يشير  atlanticcouncil  المجلس الأطلسي، مركز دراسات أمريكي للأبحاث في الشؤون الدولية، إلى أن السياسة الخارجية لأنقرة في أفريقيا تعتمد على توازن دقيق بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، وأنه بالإضافة إلى استخدام القوة الناعمة، لجأت تركيا إلى القوة الصلبة عبر تبرعها بالكثير من المعدات العسكرية إلى الدول الإفريقية، وأن الدول الإفريقية المستخدمة للمسيرات الإفريقية في تزايد مستمر بما فيها النيجر وإثيوبيا، التي تنشر أنظمة جوية تركية مسيّرة لتنفيذ ضربات دقيقة وجمع معلومات استخباراتية.

وهو ما فسره اللواء دكتور محمد زكي، الخبير والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن التمدد التركي يتعاظم منذ سنوات، ويشير إلى أن أنقرة تهدف إلى استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية عبر القارة الإفريقية من خلال تواجدها الأمني والعسكري والاقتصادي في القارة.

موضحًا لـ القاهرة 24، أنه يمكن أن يكون التمدد التركي في إفريقيا بدعم من قبل دول أخرى إقليمية (في إشارة إلى إسرائيل)، خاصة أن أمريكا تتخارج من إفريقيا وتريد أن تترك من يمثلها في إفريقيا للعب دورها وممارسة نفوذها بطريقة غير مباشرة.

وفي ذلك ترى منصة  lesclesdumoyenorient البحثية في شؤون الشرق الأوسط، أن الدول الأفريقية من بين المشترين الرئيسيين للطائرات بدون طيار التركية، وخاصة طائرة Bayraktar TB2 المقاتلة، بالإضافة إلى طائرات Anka وKarayel وAksungur، منوهًا أن القوات المسلحة التركية تمكنت من الحصول على موطئ قدم في عدة نقاط على الأراضي الإفريقية في السنوات الأخيرة، أبرزها الصومال وغرب ليبيا، عبر اتفاقيات مع الحكومات في كليهما.

التقرير ذاته أشار إلى أن تركيا لا تتوقف عن العمل على الوصول عسكريًا إلى جزيرة سواكن السودانية، بفضل اتفاق تركي سوداني منح تركيا تواجد مدني لمدة 99 عامًا على الجزيرة عبر وكالة التنمية التركية لبناء البنية التحتية اللازمة، إلى جانب التواجد الأمني التركي غير الرسمي عبر شركة سادات الأمنية الخاصة والتي تعد أحد أهم الجهات الفاعلة في الانتشار العسكري والأمني لتركيا حول العالم، وخاصةً في أفريقيا على غرار مجموعة فاجنر شبه العسكرية الروسية.

من بين تدخلاتها المرصودة التدخل التركي في ليبيا 2019 عندما نقلت أنقرة عدة آلاف من الأطنان من الأسلحة والمعدات العسكرية، ومؤخرًا، قيل إن سادات نشرت ألف مرتزق سوري آخر في النيجر لتأمين المصالح والمشاريع التركية، وكذلك تتواجد في كل من بوركينا فاسو ونيجيريا، إلى جانب تواجدها غير الرسمي في مالي عبر صفقات عسكرية، وتتواجد للتدريب العسكري في كل من الصومال وإثيوبيا وتوجو وتشاد.

آمال تركية عسكرية في إفريقيا

وهو ذاته ما رآه السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية مساعد وزير الخارجية السابق، بأن أنقرة لعبت دورًا حاسمًا في دعم حكومة آبي أحمد خلال حرب التيجراي، وكذلك في السودان ومنطقة الساحل، وهو تواجد بلغت ذروته في الصومال الذي يمل نموذجًا للتواجد العسكري التركي في إفريقيا، حيث تمتلك أنقرة قاعدة عسكرية تُعد الأكبر خارج حدودها.

تمدد تركيا في أفريقيا
تمدد تركيا في أفريقيا

فيما يقول السفير علي الحفني مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن تركيا تنظر إلى أن تحقيق الأمن القومي التركي لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال التمدد خارجيًا، حيث تنظر تركيا إلى ثروات القارة الإفريقية التي لم تخرج بعد من باطن القارة الإفريقية وتريد أن تحصل على جزء منها من بوابة الاستثمار لتأمين كافة احتياجاتها الصناعية والاقتصادية.

مردفًا لـ القاهرة 24، أن تركيا حرصت على التواجد في باب المندب للحصول على تسهيلات مقابل دعم متنوع خاصة في المجال العسكري، إلى جانب حرصها على زيادة نفوذها العسكري من خلال تلك الصناعات الدفاعية وخاصة المسيرات التي تقدمها للعديد من الأطراف والدول في إفريقيا التي تبحث عن شركاء جدد للحصول على المعونات العسكرية المطلوبة بعيدًا عن الدول الاستعمارية القديمة ممثلة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ما أدى إلى خلق توازنات أمنية في القارة جراء التدخلات العسكرية والسياسية التركية.

حيث إن الصناعات العسكرية تعزز نفوذها العسكري، إذ تتيح الصفقات العسكرية لصانعي القرار في تركيا التقرب وفتح أبواب للحديث مع أصحاب القرار في الدول المستوردة بالقارة السمراء، وبذلك تفتح أبواب لعقود أخرى كالذخائر ومراقبة الحدود والتعاون السياسي والاقتصادي، تمهيدًا لباقي الأذرع التركية الأخرى.

تابع مواقعنا