العميد علي الببلاوي يروي كواليس ابتكار غير مجرى حرب أكتوبر 1973.. ولماذا أرسل قائد الدفاع الجوي رسالة مكتوبة قبل الحرب مباشرة | تفاصيل
قال العميد علي الببلاوي، أحد قادة قوات الدفاع الجوي خلال حرب أكتوبر 1973، إنه بعد انتهاء حرب 1967، قررت القوات المسلحة المصرية بتعليمات من الرئيس جمال عبد الناصر، أن تعيد دراسة كل المواقف التي تؤدي إلى النجاح في أي عمليات مستقبلية، والبعد عن الشعارات الجوفاء، ودرسنا إسرائيل بشكل جيد جدًا، ودرسنا إمكانياتنا، وكنا نعرف أننا لا نملك خزائن سلاح مفتوحة مثل إسرائيل، لكن واجبنا أن نحسن استخدام ما لدينا ونحسن صيانته ونعدّل عليه بحيث يحقق ما نريد.
وأضاف العميد علي الببلاوي، لـ القاهرة 24: كنت أعمل في الصواريخ، كان تجهيز الكتيبة للتحرك يستغرق 3 ساعات ونصف، بالتدريب وبأفكار في منتهى البساطة مفادها أننا تخلينا عن الحذاء الثقيل والخوذة ونجحنا أن نحول 3 ساعات ونصف إلى 47 دقيقة، ولكن الحقيقة عزيمة الجندي كانت قادرة على أي شيء.
وأوضح أن المعدات كانت ثقيلة جدًا، كبالن تزن 14 طنًا، والكوابل تحتاج وقتًا كبيرًا للفرد والتركيب، لكننا حللنا هذه المشاكل بحلول عملية ونجحنا فيها، مؤكدًا: عندما أبلغنا بتحقيق هذا التوقيت، جاء الفريق محمد علي فهمي قائد الدفاع الجوي ومعه المستشار العسكري الروسي ليشاهدا بأنفسهما، أمامهم استطعنا أن نحسن الزمن أكثر ليصل إلى 43 أو 44 دقيقة، وبعد التحرك قال لي الفريق: أشكرك، ما عملتموه لا نقدر نحن أن نعمله.
وكشف عن الأيام التي سبقت العبور: قبل 6 أكتوبر بـ3 أو 4 أيام، في حدود يوم 5 أكتوبر، جاءني مندوب من قائد الدفاع الجوي ومعه جواب، وقال لي: الكلام الذي سيقوله هذا المندوب هو كلامي أنا، لم يذكر موعد الحرب لكنه قال: عندك في الخزنة وثائق الحرب، ستفتحها عندما تأتيك كلمة السر، وكانت جبار.
وتابع: الضربة الجوية تمت قبل العبور بـ5 دقائق تقريبًا، وعلى شاشاتنا في الكتيبة ظهر أن الطائرات المصرية مغطية السماء، أي واحد مهما بلغت خبرته سيدرك أن الحرب بدأت، والأجمل أن الطائرات التي سجلناها عادت سالمة، وبعد 20 دقيقة من الضربة، قلت للضباط والجنود: احنا انتصرنا.
وأشار إلى أنه بعد تحليل العمليات اتضح أن نسبة الخسائر المتوقعة كانت 60%، بينما المحققة كانت 2% فقط، وهم عزوا ذلك لأنهم كانوا في عيد، لكن الحقيقة أن هذا من حسن تخطيطنا.
وحكى قصة ابتكار من داخل وحدته، موضحا: كان عندي ملازم أول احتياط اسمه محسن الشامي، قال لي: عندي فكرة.. سألته: هتكلف كام؟ قال: 25 جنيه تقريبًا، عمل الجهاز والجهاز بيديني إضاءة محسوبة بالثواني لا تسمح للطيار الذي معه صاروخ الشرايك أن يلتقط التردد بتاعك، وإذا التقط، يضيع الصاروخ لأننا نوقف التردد لحظات ثم نعيده، وجربناها في الكتيبة ونجحت، وبلغنا القيادة فاعتمدتها، هذا كان إنجازًا عظيمًا من ضابط احتياط.
وأضاف: واجهتنا مشاكل كثيرة بسبب ثقل المعدات، لكن بالتفكير البسيط وبمشاركة كل ضابط وجندي استطعنا أن نحول زمن التحرك من 3 ساعات ونصف إلى 47 دقيقة، واستبدلنا أجزاء البيادة المعدنية بكوتشيات حتى لا ينزلق الجندي فوق المعدات المعدنية، وكذلك تركنا الخوذات في مكان محدد مكتوب عليها أسماء أصحابها لنخفف الوزن وقت الاشتباك، هذه الأفكار البسيطة وفّرت وقتًا وجهدًا كبيرين، والأهم أنها منحت المقاتل حرية حركة وثقة أن كل ثانية يوفرها قد تحمي حياته.
واختتم قائلًا: بالتخطيط، وبالاعتراف بالخطأ أولًا والعمل على إزالته، وبمعرفة العدو، يمكن مواجهته والانتصار عليه، أنت بإيمانك وعقيدتك أقوى منه مئات المرات مهما قال أو ادّعى.


