مدير معابد الكرنك السابق: عبقرية المصريين القدماء واجهت الزلازل بتقنيات هندسية سبقت عصرها بآلاف السنين

أكد الدكتور الطيب غريب، مدير معابد الكرنك السابق، في تصريحات خاصة لـ”القاهرة 24”، أن المصريين القدماء أبدعوا في مواجهة الزلازل والهزات الأرضية من خلال أفكار هندسية مذهلة لا تزال تدهش العلماء حتى اليوم.

المصريين القدماء أبدعوا في مواجهة الزلازل 

مشيرًا إلى أن ما نشاهده من بقاء الأهرامات والمعابد شامخة عبر آلاف السنين، هو برهان قاطع على براعتهم في علوم البناء والاستقرار الإنشائي.

وأوضح غريب أن الهندسة المصرية القديمة لم تقتصر على الجمال المعماري فقط، بل امتدت لتشمل مفاهيم دقيقة تتعلق بامتصاص الاهتزازات وتوزيع الأحمال ومقاومة الحركات الأرضية، وهو ما جعل آثارهم تصمد أمام كوارث طبيعية عدة عبر العصور.

تقنية البناء الهرمي.. سر الثبات لآلاف السنين

وأشار مدير معابد الكرنك السابق إلى أن التقنية الأولى التي استخدمها المصريون القدماء كانت البناء الهرمي القائم على قاعدة واسعة وقمة دقيقة، مما يقلل من تأثير الاهتزازات ويوزع الضغط بشكل متساوٍ.

وأوضح أن هذا الأسلوب الذي تجلى في هرم خوفو منذ أكثر من 4500 عام، جعل الهرم الأعظم العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع، مثالًا عالميًا على دقة التصميم واستقرار البناء.

أحجار ضخمة وأسُس مرنة لمقاومة الاهتزاز

وأضاف غريب أن المصريين القدماء استخدموا أحجارًا ضخمة تصل أوزانها إلى أكثر من 16 طنًا في بناء الأهرامات والمعابد، ما وفر استقرارًا هائلًا ضد الاهتزازات. كما اعتمدوا على أساسات عميقة تحتوي على طبقات من الرمال تمتص الصدمات الأرضية، وهي فكرة تشبه في جوهرها ما يُعرف اليوم بـ”الأساسات المرنة” في الهندسة الزلزالية الحديثة.

“ديل اليمامة”.. عبقرية الربط بين الأحجار

وكشف الخبير الأثري أن المصري القديم استخدم تقنية مبتكرة تُعرف باسم “ديل اليمامة”، وهي حشوات حجرية أو خشبية على شكل ذيل الحمامة، تُستخدم لربط الأحجار وتعشيقها ببعضها، مما يجعل المبنى وحدة واحدة شديدة التماسك، قادرة على الصمود أمام الاهتزازات والزلازل عبر القرون.

أول محاولة في التاريخ لرصد الزلازل

وأوضح الدكتور الطيب غريب أن المصريين القدماء توصلوا أيضًا إلى فكرة رصد الزلازل فيما يُعرف بـ”بئر الرصد”، وهو بئر عميق مملوء بالماء، كانت تُراقب حركة سطحه لاكتشاف أي اهتزاز أرضي محتمل، ما يعد أول محاولة علمية في التاريخ لرصد الزلازل.

زلازل قديمة هزّت مصر وسُجلت آثارها

وأشار غريب إلى أن الأبحاث العلمية الحديثة أثبتت وقوع عدة زلازل في مصر القديمة، منها زلزال تل بسطا عام 2200 ق.م، وزلزال أبو سمبل عام 1210 ق.م، وزلزال ضخم ضرب طيبة (الأقصر) نحو عام 1200 ق.م تسبب في انهيار معبد الملك أمنحتب الثالث، إضافة إلى زلزال آخر وقع عام 27 ق.م في أواخر العصر البطلمي.

وأكد أن هذه الأحداث التاريخية تُبرز مدى عبقرية المصري القديم في بناء منشآت تقاوم الزمن والكوارث الطبيعية حتى يومنا هذا.