نحن وشات جي بي تي10: متصفح "أطلس" يقلب الطاولة على جوجل
هل تتخيل أن تفتح الإنترنت يوما فلا يكون جوجل هو أول من يستقبلك؟ هل يمكن أن يتراجع العملاق الذي شكّل بوابة المعرفة للعالم بعد ربع قرن من الهيمنة؟ هل يتحوّل الإنترنت الذي منحنا حرية الوصول السريع للمعلومات، إلى ساحة جديدة لاستعمار العقول، لكن هذه المرة عبر الخوارزميات الذكية؟
تخيّل أن المتصفح لم يعد مجرد أداة للبحث، بل صار هو من يبحث عنك! هنا يظهر ChatGPT Atlas "أطلس"، المتصفح الجديد من شركة "أوبن إيه آي"، الذي يحمل اسما مستوحى من الأسطورة الإغريقية أطلس، ذاك الذي حمل السماء على كتفيه. أما أطلس هذا فيحمل قبة المعرفة على خوادم الذكاء الاصطناعي.
التحوّل الكبير في أطلس أنه يدمج شات جي بي تي مباشرة داخل المتصفح. فلم تعد بحاجة للنسخ أو التنقل بين الصفحات؛ لأن الذكاء الاصطناعي يقرأ لك ويشرح ويلخّص ويقترح، أي أنه يغير قواعد اللعبة بعلاقتنا مع الإنترنت من جذورها. لأن متصفح أطلس صار موجّها ومحللًا ومقررا. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيقدّم لنا أطلس صورة حقيقية للعالم؟ أم فقط كما تراها "أوبن إيه آي"؟.
لن تحتاج إلى جوجل لحجز فندق مثلا لأن أطلس سيتكفّل بكل شيء، من البحث للمقارنة وحتى الحجز وبضغطة زر. أي أن الإنترنت يتحوّل من فضاء حرّ نستكشفه بأنفسنا، إلى مسرح تديره خوارزميات تتخذ القرارات عنا. أي أنها نوع من الراحة المغرية لكن ثمنها قد يكون حرية المعرفة.
لا شك أن هبوط أسهم جوجل بعد إطلاق أطلس لم يكن صدفة لأنه مؤشر على تغيّر قواعد اللعبة، حيث إن أطلس لا يهدد متصفح كروم فقط، بل يضرب في صميم نموذج العمل القائم على الإعلانات وتحليل سلوك المستخدم. إذن أطلس يقلب الطاولة على محركات البحث التقليدية، لأن المتصفح صار محرك البحث والذكاء الاصطناعي وهو الوسيط الجديد للمعرفة.
ربما نكون على أعتاب نهاية عصر إمبراطوريات الإعلانات وبداية معركة جديدة تعيد توزيع النفوذ في السوق الرقمية. ويؤشر على أن نموذج الإعلانات القائم على تحليل سلوك المستخدم لم يعد مستقرًا. مما يهدد اقتصاد المنصات التي تعيش على النقرات والتتبع. وهذا يدق ناقوس الخطر لدى مئات آلاف الشركات التي بنت وجودها على تحسين ظهورها في نتائج البحث (SEO) وبالتالي سنشهد تغييرًا جذريًا لا يقل عن الزلزال الذي أحدثته جوجل في حياتنا جميعًا.


