الجمعة 12 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

إلى ابنة فرج فودة.. الجلباب والحجاب هوية وطن لا تُهان

الجمعة 07/نوفمبر/2025 - 09:28 م

ليعلم القاصي والداني أن كرامة المصريين ليست موضع نقاش وهويتهم ليست سلعة في أرفف الموضة الباهتة، فقد بتنا في زمن اختلطت فيه القيم وتجرّأ فيه الأصاغر على الأكابر، وحقا قد فسد الزمان واقترب الوعد الحق.

عجيب أمر هذا الزمان الذي نعيش فيه! ذلك الزمن الذي تجرّأ فيه البعض على الأصول، وتطاول فيه الصغار على الكبار، حتى صار الجلباب الصعيدي - رمز الشهامة والأصالة والعراقة والرجولة - موضع تهكم وسخرية.

إن من يسخر من الجلباب سواء الصعيدي أو أي نوع منه للرجال أو النساء، إنما يطعن في أصالة وعراقة مصر، ومن يُهن المحجبة يهدم شرف الأمة، فكرامة المصري ليست على مقاس الموضة ولا تُقاس بثمن البدلة!

هل بلغ بنا الحال أن نرى من يسخر من زيِّ المصري الأصيل؟! وهل وصل بنا الحال أن تُمنع المرأة المصرية المحجبة - التي تصون نفسها وتعتز بحيائها - من دخول نادٍ أو مطعم أو مقهى على أرض مصر؟!
أي عقول هذه؟ وأي نُكرانٍ هذا لأصلٍ وجذرٍ يمتد في عمق التاريخ منذ أن كانت مصر تُعلِّم الدنيا معنى التحضّر والكرامة وقيم العفاف والرجولة، ثم دخلها الإسلام الحنيف فصدق على طرائق ملابسهم ولم ينكر منها شيئًا في ذلك الزمان البعيد الصافي النقي!

الجلباب… شرفٌ متوارث ورمزُ رجولة وعزّة

يا سادة.. الجلباب ليس قطعة قماش، بل هو رمزٌ للهوية وشاهدٌ على الرجولة والوقار، هو زيّ الفلاح والعامل، وهو لباس العالم والأزهري، وهو ما كان يرتديه الرئيس الراحل أنور السادات حين وقف شامخًا يواجه العالم بعزة المصري الأصيل.
فهل حينما ارتدى السادات الجلباب صار دونًا في أعينكم؟! أم نسيتم أن هذا الرجل صنع تاريخًا وكتب بدمه معنى الكرامة؟

يا من تتهكمون على لباس الجلباب الصعيدي، ويا من تجرّأتم على زيّ المرأة الصعيدية أو الحجاب الشريف..من أنتم ؟! ما تاريخكم الناصع ؟! ما هي إضافاتكم إلى سجل الشرف والهوية الوطنية المصرية؟!

من تسخرون منهم هم أبناء الأصول والعزوة والكرم، هم الذين وقفوا رجالا في الشدائد، وبنوا صروحًا من المجد بعرقهم وشرفهم، بينما أنتم لم تتركوا وراءكم إلا الزيف والتقليد الأعمى.
فشتّان بين من يرتدي الجلباب فخرًا بأصله، ومن يتخفّى خلف مظهرٍ زائفٍ لا يساوي عندنا نظرة احترام.

هل أصبحت الهوية المصرية محلَّ سخرية؟

يا من تتهكمون على الجلباب والحجاب.. من أنتم؟! وما تاريخكم؟! هل تعرفون معنى الأصل؟ هل نشأتم على الاحترام والتربية؟ أم تربيتم على عقد النقص والاحتقار لكل ما يذكّركم بالجذور واتخذتم سادة لكم يستعبدونكم بأفكارهم الفاسدة؟
أنسيتم أن مصر التي تتباهون بالانتماء إليها هي بلد الأزهر الشريف، ومهد العروبة، ومصدر الإيمان، وأرض الأولياء والعلماء؟
أنسيتم أن المصريين في أعيادهم وصلواتهم وزياراتهم يرتدون الجلباب الأبيض رمز النقاء، لا تكلّفًا ولا اصطناعا، بل فطرةً وهوية؟

أي قانون هذا الذي يسمح بإهانة زيٍّ مصريٍّ أصيل، ويمنع مواطنًا من دخول نادٍ لأنه يرتدي جلبابًا، أو امرأةً لأنها محجّبة؟!
هل القانون المصري أصبح يُفرّق بين الناس بالزي؟ وهل الوطنية صارت تُقاس بالبدلة وربطة العنق؟
إن من يمنع المصري من دخول مكانٍ عام لأنه يلبس لباسه الشعبي لا يعرف شيئًا عن مصر.. ولا عن قيمها، ولا عن دستورها الذي ساوى بين الجميع في الكرامة والحقوق.

وقفتُ طويلا أمام هذا المشهد المؤسف، فقلت بصوتٍ لا يلين: ثمن الجلباب أغلى من ثمن البدلة.
ليس المقصود السعر في المال فحسب، بل ثمن الكرامة والهوية والذاكرة، ذلك أن الجلباب يحمل في طيّاته تاريخ قرونٍ من العزّ والأصل.

لم أتحدث يومًا عن ملبس أحد، ولم أعلّق في حياتي على حرية الناس الشخصية، فلكلٍّ حياته وذوقه.

لكن ما يحدث الآن من تجاوزات فجة وإهاناتٍ متكررةٍ للمصريين في وطنهم لا يستطيع أحد السكوت عليه، لقد تجاوز الأمر حدود الأدب واللياقة ووصل إلى ازدراءٍ متعمّدٍ للهوية الوطنية.

وعلى الدولة المصرية أن تتخذ إجراء حاسمًا في هذا الشأن، حمايةً لكرامة المواطن واحترامًا للقانون والدستور، فليس من المقبول أن يُمنع المصري من دخول نادٍ أو مقهى بسبب لباسه، بينما يُفتح الباب على مصراعيه لمن يتحدى الذوق العام.
إننا نطالب - لا نترجّى - بوقف هذه الإهانات فورًا، فكرامة المصري ليست موضع نقاش، وهويته ليست سلعة على طاولة موضة.

عودوا إلى رشدكم.. عودوا إلى أصولكم.. فمن ينسلخ عن جلدته يفقد ذاته، ومن يستهزئ بتراثه يهدم هويته بيده.
إننا نحمل في عروقنا دماء الكرامة والعزة، ولن نسمح لأحدٍ — أيًّا كان — أن يمسّ رموزنا أو يحقّر لباسنا أو يُهن نساءنا، فالجلباب شرف والحجاب ليس تخلّفًا، التخلّف في من يظن أن الحياء نقيصة.

وليعلم الجميع أن من يحتقر الجلباب والحجاب يحتقر مصر كلها، ومن يُهن المصريين في زيّهم الشعبي يُهن تاريخهم الممتد من صعيدها إلى دلتاها.

وامنعوا الرويبضة أن يتحدثوا في أمور أهل الأصالة والعزة والنخوة، وليبقوا عارضين أجسادهم لكل ذئب بشري ينهشه بإرادتهم وهم أحرار في ذلك، لكن ليس عليهم تبوأ المنصات الإخبارية ليعلموننا ما نلبس وما ينبغي علينا فعله، وهم والله أراذلنا بادي الرأي أجهل من الدواب.

فاحذروا غضبة الصامتين، فإنها إن خرجت لا تُبقي ولا تذر.

تابع مواقعنا