قتل الأطفال الأعلى سعرًا.. ناجية من حصار البوسنة تكشف تفاصيل جديدة عن سفاري الموت في سراييفو
ما زال الادعاء الإيطالي يُحقّق في التقارير التي أفادت بأن مواطنين إيطاليين من الأثرياء دفعوا أموالًا ضخمة لجنود صرب من أجل إطلاق النار على مدنيين في البوسنة خلال تسعينيات القرن الماضي، وذلك وفق تعرفة تختلف بين الرجال والنساء والأطفال.
شهادة إحدي الناجيات من حصار سراييفو
وفي مقابلة حصرية مع قناة TVP World البولندية، عادت إحدى الناجيات من حصار سراييفو بالذاكرة إلى الوراء لتتحدث عن أحد أكثر فصول الحرب إيلامًا، وهي رحلات سفاري قنص البشر من أجل المتعة.
وتقول عايدة كولودر والتي نشأت في البوسنة خلال الحرب: وفقًا لشهادات هؤلاء الشهود المجهولين،
استمر هذا الوضع لمدة عامين كاملين، حيث استمرت رحلات قنص البشر طوال العامين.
وتابعت: في نهاية كل أسبوع، كانت مجموعة من 5 إلى 8 أشخاص يتجهون إلى سراييفو، إلى تلال سراييفو، من أجل إطلاق النار علي المدنيين، وبأسعار مختلفة وفقًا لبعض التقارير.
وأضافت: تم تكليفهم بقتل النساء والرجال والأطفال، كان المبلغ يتراوح بين 2000 و3000 يورو، وكان قتل الأطفال هو الأعلى سعرا، بينما في بعض الأحيان يسمح بقتل كبار السن مجانا.
قتل من أجل المتعة.. تفاصيل كارثة سفاري سراييفو
وفتحت السلطات الإيطالية تحقيقًا بشأن ما يُعرف بـ سياح القنص، تلك الحادثة التي تصدرت وسائل الإعلام العالمية علي مدار الأيام الماضية وحتي الآن، حيث يزعم أن أثرياء أوروبيون بينهم إيطاليون دفعوا مبالغ ضخمة للجنود الصرب لاستهداف المدنيين، بما في ذلك الأطفال، خلال حصار سراييفو في منتصف التسعينيات.
ويُقال إن أجانب من إيطاليا والولايات المتحدة وكندا وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا شاركوا في هذه الأفعال، بدافع البحث عن المتعة الشخصية فقط.
ودفع هؤلاء الأثرياء ما يعادل 80 ألفًا إلى 100 ألف يورو للمشاركة في هذا الرياضة، فيما كان قتل الأطفال الأعلي أجرا، بينما يُزعم أن كبار السن كان يمكن إطلاق النار عليهم مجانًا.
واندلعت الحرب البوسنية في عام 1992، وبحلول أبريل من ذلك العام، أحاطت وحدات الجيش الشعبي اليوغوسلافي الصربية بسراييفو، أصبح الحصار الأطول في تاريخ أوروبا الحديث، متجاوزًا حتى حصار لينينغراد الذي استمر 872 يومًا خلال الحرب العالمية الثانية.
وتوفي أكثر من 11،500 شخص بحلول رفع الحصار في عام 1996، ويُزعم أن بعض هذه القتل تم على أيدي سياح الحرب، وفق تحقيق أجرته الصحفي الإيطالي المقيم في ميلانو إيزيو غافاتزيني.
وقدّم غافاتزيني شكوى قانونية من 17 صفحة، بالإضافة إلى تقرير قدمه عمدة سراييفو للنيابة، موضحًا أن الدافع لم يكن سياسيًا أو دينيًا، بل كان مجرد رغبة شخصية للثراء والمتعة، وأضاف أن هؤلاء الأشخاص كانوا من عشاق الأسلحة الذين ربما اعتادوا الذهاب إلى ميادين الرماية أو السفاري في أفريقيا.
وأشار إلى أنه اطلع على تقارير حول سياح القنص، في الإعلام الإيطالي في التسعينيات، لكنه قرر متابعة الأمر بعد مشاهدة الفيلم الوثائقي سفاري سراييفو للمخرج السلوفيني ميران زوبانيش عام 2022.
وكشف شاهد سابق من الاستخبارات في الفيلم الوثائقي أنه كان موجودًا في حي جربافيتسا بسراييفو وشهد كيف كان الغرباء يأتون مقابل أموال محددة لإطلاق النار على سكان المدينة.
ورغم أن الفيلم تعرض لانتقادات من قبل قدامى المحاربين الصرب ووُصف بأنه كذب مطلق، أعاد الضوء على قضية طالما بقيت في الظل.
بدأ غافاتزيني تحقيقه بعد التواصل مع المخرج، وجمع أدلة كافية لتقديم شكوى رسمية للسلطات الإيطالية، وكشف أحد المصادر البوسنية لغافاتزيني أن أول معرفته بظاهرة قناصة عطلة نهاية الأسبوع، كانت في أواخر عام 1993 من خلال وثائق تحقيق مع متطوع صربي أسير، تفيد بأن خمسة أجانب بينهم ثلاثة إيطاليين على الأقل سافروا من بلغراد وتم اقتيادهم إلى الجبال المحيطة بسراييفو، ومن بين هؤلاء القناصة، حُدد مالك عيادة جراحة تجميلية في ميلانو.
وأشار المصدر البوسني إلى أن وكالة الأمن الإيطالية كانت على علم بالأمر حينها، كما تحدث غافاتزيني لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية قائلًا إن الأمر يتعلق بأفراد أثرياء وذوي نفوذ، دفعوا خلال حصار سراييفو لقتل المدنيين العزل، ثم عادوا إلى حياتهم اليومية المحترمة، وكانوا يلعبون دور الله دون أن يُعاقبوا.
وتضمنت شكوى غافاتزيني أيضًا شهادات لمارينز أمريكي سابق خلال محاكمة قائد الجيش الصربي البوسني راتكو ملاديتش في لاهاي، حيث ذكر أنه صادف قناصة سياحيين، أثناء تطوعه في المدينة المحاصرة، وكان أحد الأجانب يحمل سلاحًا يبدو مناسبًا أكثر لصيد الخنازير البرية في الغابات الأوروبية منه للقتال الحضري.
وقدّر غافاتزيني عدد هؤلاء السياح بما يصل إلى 100 شخص، من بينهم العديد من الإيطاليين، معربًا عن أمله في أن يتمكن التحقيق من التعرف على بعضهم وربما عشرة أشخاص منهم.




