العثور على مركب ترفيهي يعود للقرن الأول الميلادي خلال أعمال حفر في الإسكندرية
اكتشف علماء آثار قبالة سواحل الإسكندرية مركب ترفيهي مصري قديم يطابق وصف المؤرخ اليوناني في القرن الأول سترافو، مما أثار حماس الباحثين، بحسب صحيفة الجارديان.
اكتشاف مركب يعود للقرن الأول الميلادي في حفريات بالإسكندرية
وكانت الإسكندرية، بما تحويه من قصور ومعابد ومنارة فاروس التي يصل ارتفاعها إلى 130 مترًا والتي تعد من عجائب العالم السبع القديمة، واحدة من أعظم مدن العصور القديمة، كما وصفتها الصحيفة البريطانية.
وقد بلغ طول المركب الترفيهي، الذي يعود إلى النصف الأول من القرن الأول الميلادي، 35 مترًا، وتم تصميمه لحمل جناح مركزي يضم غرفة مزخرفة بأقصى درجات الفخامة.
وتم اكتشاف المركب قبالة جزيرة أنتيرهودوس الغارقة، والتي كانت جزءًا من ميناء بورتوس ماغنوس في الإسكندرية القديمة.
وأجريت عمليات الحفر بواسطة المعهد الأوروبي للآثار تحت الماء تحت إشراف فرانك جودّيو، أستاذ زائر في علم الآثار البحرية بجامعة أكسفورد.
وأوضح جودّيو للجارديان، أن الاكتشاف مثير للغاية لأنه المرة الأولى التي يُكتشف فيها مثل هذا المركب في مصر، مشيرًا إلى أن هذه المراكب وردت في كتابات مؤرخين قدامى آخرين مثل سترافو، كما تم تصويرها في بعض الأعمال الفنية، مثل فسيفساء باليستينا التي تُظهر مركبًا أصغر بكثير يحوي نبلاء يصطادون فرس النهر، لكن لم يُكتشف مركب فعلي من قبل.
بينما تصور الفسيفساء مركبًا يبلغ طوله نحو 15 مترًا، فإن هذا المركب أكبر بكثير، وفقًا للأخشاب المحفوظة جيدًا، والتي يبلغ عرضها نحو 7 أمتار، وقد يكون بحاجة إلى أكثر من 20 مجدفًا.
وكان المركب مدفونًا على عمق 7 أمتار تحت الماء و1.5 متر تحت الرواسب، وكان الافتراض الأولي لجودّيو وجود مركبين فوق بعضهما بسبب غرابة طريقة البناء، مشيرًا إلى أن المقدمة مسطحة والمؤخرة مستديرة لتتمكن من الملاحة في مياه ضحلة جدًا.
ونفّذ جودّيو أكبر مشاريعه قبالة ساحل مصر في ميناء الإسكندرية الشرقي وخليج أبو قير، وبالتعاون مع وزارة الآثار المصرية استكشف مساحة واسعة منذ عام 1992.
وفي عام 2000، تم اكتشاف مدينة ثونيس-هيراقليون القديمة وأجزاء من مدينة كانوبس في خليج أبو قير، والتي تعد واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية الحديثة، وشملت الكنوز المستخرجة تماثيل ضخمة لملكة وملك بطلميين.
وفي عام 2019، اكتشف جودّيو وفريقه حطامًا في مياه ثونيس-هيراقليون تتطابق تفاصيله الغريبة مع وصف المؤرخ اليوناني هيرودوت.
ويقع الاكتشاف الأخير على بعد أقل من 50 مترًا من موقع معبد إيزيس، الذي قام جودّيو بحفره، ويعتقد أن المركب قد غرق أثناء الدمار الكارثي للمعبد حوالي عام 50 ميلاديًا.
وبعد سلسلة من الزلازل وأمواج المد والجزر، غرقت بورتوس ماغنوس وأجزاء من الساحل القديم تحت البحر، مما ابتلع القصور والمباني الأخرى.
وهناك نظرية أخرى تفيد بأن المركب قد يكون بارجة مقدسة مرتبطة بالمعبد، حيث أشار جودّيو إلى أنه قد يكون جزءًا من مراسم بحرية خاصة بالاحتفال بالإلهة إيزيس، عندما يلتقي موكب احتفالي بمركب مزخرف غنيًا يُعرف باسم نافيجوم الذي يمثل القارب الشمسي لإيزيس، سيدة البحر.
وتم العثور أيضًا على كتابات يونانية على العمود المركزي ولم يتم فك شفرتها بعد.
وعلى الرغم من أن البحث في الحطام ما زال في مراحله المبكرة، إلا أنه من المتوقع أن يكشف عن رؤى جديدة حول الحياة والدين والترف والمتعة على المجاري المائية في مصر الرومانية المبكرة، وفقًا لجودّيو.
ونشرت نتائج علمية حديثة للحفريات في معبد إيزيس مؤخرًا بواسطة مركز أكسفورد للآثار البحرية، واعتبر مدير المركز، الأستاذ داميان روبنسون، أن الاكتشاف يمثل نوعًا من السفن لم يتم العثور عليه من قبل، وأنه من المذهل أن يكون هناك رابط أثري حقيقي لما كان يُقرأ عنه في النصوص القديمة ويُرى في السجل الفني.





