القطاع الاقتصادي الذي لا يتكلم
القطاع الاقتصادي الذي لا يتكلم
تتوجَّه الأضواء دائمًا نحو قطاعات مثل الصناعة، الإنشاءات، أو التكنولوجيا، وتبقى السياحة، واحدة من أكثر القطاعات تأثيرًا في الاقتصاد المصري، لا تثير ضوضاء، ولا تدخل معارك إعلامية، ولا تطلب الاهتمام… لكنها تعمل في الخلفية كآلة اقتصادية هادئة، متماسكة، ودقيقة. ولهذا تُسمّى بين خبراء الاقتصاد، القطاع الاقتصادي الذي لا يتكلم.
سائح واحد يوظّف دولة كاملة
تقديرات منظمة السياحة العالمية أن كل 10 سياح يخلقون وظيفة مباشرة واحدة، وقرابة 1.5 وظيفة غير مباشرة في الاقتصادات النامية، وفي بعض الدراسات الأحدث، يُقدّر أن كل سائح واحد في مصر يساهم في تشغيل ما بين 0.1 إلى 0.3 عامل في قطاعات مختلفة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
بمعنى أن كل مليون سائح قادرون على توفير ما بين 100 ألف إلى 300 ألف فرصة عمل موزعة بين الفنادق، النقل، الإرشاد، الحرف، سلاسل الإمداد الغذائية، الصناعة، البنية التحتية، التسويق، التكنولوجيا السياحية، وهنا تظهر قوة السياحة: وظائف تنتشر في كل أنحاء الاقتصاد بلا ضجيج.
قطاع واحد.. يحرّك 70 صناعة أخرى
السياحة ليست فندقًا أو مطعمًا فقط؛ بل هي قطاع ضخم يشغل شبكة كاملة من الصناعات.
بحسب المجلس العالمي للسياحة والسفر (WTTC)، فإن القطاع يحرّك أكثر من 70 قطاعًا اقتصاديًا في الوقت نفسه، أهما لنقل الجوي والبري، المطاعم والخدمات الغذائية، الإنشاءات والتطوير العقاري، الحرف اليدوية والصناعات التراثية، الاتصالات والتكنولوجيا، التسويق والإعلان، لطاقة والمرافق، الأمن والنظافة، الزراعة وتوريد الأغذية، الأثاث والتجهيزات الفندقية.
اقتصاديًا السياحة تعمل في الظل.. لكنها تُضيء الاقتصاد كله
في مصر، يبرز تأثير السياحة بشكل أعمق ما يظهر في البيانات الرسمية، ففي الوقت الذي قد يُقال إن السياحة تمثل "10% من الناتج القومي"، فإن الأثر الحقيقي ــ المباشر وغير المباشر ــ يصل إلى أكثر من 17% بحسب تقديرات مجلس السياحة والسفر العالمي.
إنفاق السائح الأجنبي يُعد من أقوى مصادر العملة الصعبة، لأنه يدخل صافيًا تقريبًا إلى الاقتصاد دون تكلفة استيراد عالية، ووفق بيانات وزارة السياحة والبنك المركزي المصري تجاوز القطاع في السنوات الأخيرة حاجز 15 مليون سائح سنويًا، وهو رقم يعادل تشغيل مئات الآلاف من المصريين في قطاعات متشابكة لا تُحسب مباشرة ضمن «السياحة»، لكنها تعيش بسببها.
لماذا لا يتكلم هذا القطاع الاقتصادي؟
لأن السياحة تبني اقتصادًا دون أن تعلن ذلك، لا تتحدث عن مصانع عملاقة تُبنى، ولا عن مليارات تُنفق، ولا عن إنتاج مادي ملموس، إنما تعمل من خلال، إنفاق يأتي من الخارج، وظائف تنتشر في كل مكان، سلاسل توريد تتحرك باستمرار، تطوير بنية تحتية تحتاجها البلد كلها، دعم قيم ثقافية وتراثية تعزّز الهوية، إنها قوة اقتصادية ناعمة تصنع توسعًا هادئًا، وتنعش عشرات الأنشطة، وتزيد القوة الشرائية داخل المجتمع، دون أن تحتاج إلى صخب ومشاكل مثل قطاعات أخرى.
فندق واحد.. مدينة كاملة تتحرك
ربما يبني مستثمر فندقًا واحدًا، لكن خلف هذا الفندق تتحرك فيه قطاعات اقتصادية كثيرة مثل، شركات أثاث، ورش نجارة، مصانع فراش، شركات تنظيف، مزارع خضار وفاكهة، موردو دواجن ولحوم، شركات أمن، شركات صيانة وكهرباء، مطابع، منصات رقمية، مرشدون سياحيون، شركات نقل، متاجر هدايا وصناعات يدوية، ففندق واحد فقط يمكن أن يكون محور حياة اقتصادية لآلاف الأشخاص دون أن يراهم أحد.
السياحة ليست قطاعًا يرفع صوته.. لكنه قطاع يغيّر الواقع الاقتصادي، لا يتحدث لكنه يوظّف عدد كبير من العاملين، يحرّك 70 صناعة، ويصنع استقرارًا ماليًا وموارد للعملة الصعبة، القطاع الاقتصادي الذي لا يتكلم هو السياحة فيجب الحفاظ عليه.
- القطاع الاقتصادي الذي لا يتكلم
- دكتور علي عبد الله يكتب القطاع الاقتصادي الذي لا يتكلم
- مقالات دكتور علي عبد الله
- القطاع السياحي
- سائح واحد يوظ ف دولة كاملة
- قطاع واحد… يحر ك 70 صناعة أخرى
- اقتصادي ا السياحة تعمل في الظل… لكنها ت ضيء الاقتصاد كله
- لماذا لا يتكلم هذا القطاع الاقتصادي
- فندق الواحد… مدينة كاملة تتحرك
- دكتور علي عبد الله مساعد رئيس تحرير القاهرة 24
- سياحة وفنادق



