ذهاب بلا عودة.. القصة الكاملة لوفاة 4 قضاة في حادث تصادم بملوي
لم يعلم أيٌ من القضاة الأربعة، ضحايا حادث تصادم سيارة نصف نقل مع سيارة ملاكي، مما أدى إلى اشتعال السيارة على الطريق الصحراوي الشرقي بمركز ملوي بمحافظة المنيا، أن عودتهم من عملهم ستكتب آخر سطور في حياتهم.
وفاة 4 قضاة في حادث بملوي
الطريق الصحراوي الشرقي بمركز ملوي، وتحديدًا في الساعة الثانية والنصف، وأثناء عودة القضاة الأربعة من عملهم، الذين يحملون على عاتقهم ميزان العدل، كانت الأمور تسير على ما يرام، ويدور بينهم بعض الأحاديث.
وإذا بحادث تصادم وقع كالزلزال؛ حيث اصطدمت سيارة نصف نقل بسيارة الضحايا، وسرعان ما نشبت بها النيران، وتحولت السيارة إلى كفنٍ مغلق قيّد الضحايا من الخروج.
داخل أبواب السيارة كانت محاولات الضحايا للنجاة، إلا أن الأبواب والنوافذ أُغلقت، وسرعان ما طوّقت النيران السيارة والضحايا، حتى فاضت الأرواح وصعدت إلى بارئها.
تحولت السيارة إلى أجزاء من الصفيح يغطيها السواد ورماد الحريق، بعد أن قضت على أحلام وآمال أربعة شباب من القضاة، الذين حملوا رسالة العدل، وكانت أحكامهم تصدر عنوانًا للعدل والحق.
وصل رجال سيارات الإسعاف لنقل الجثامين الأربعة، حتى رأوا الفاجعة؛ ذلك المشهد الذي يندى له الجبين وتقشعر له الأبدان، جثامين تفحمت وأصبحت مجهولة الهوية، وبعد لحظات نقلتهم سيارات الإسعاف إلى مستشفى ملوي التخصصي.
وبدأ الفحص للتعرّف على مستقلي السيارة، حتى توصلت المعلومات إلى أربعة ضحايا وبياناتهم، وهم قضاة بمحكمة ديروط.
داخل مشرحة ملوي تم وضع الجثامين، وحتى بعد التعرّف على هويتهم أصبحت ملامحهم مجهولة بسبب حالتها.
وانتشر خبر وفاة أربعة قضاة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخيّم الحزن على المحافظة.
وسرعان ما وصلت أسرهم إلى أبواب المستشفى، وارتفع البكاء والصراخ بمحيط المشرحة، وأمام بابها جلست الأسر بقلوب يعتصرها الحزن على الحادث والفراق.
وهرع فريق الطب الشرعي إلى مستشفى ملوي التخصصي لفحص جثامين الضحايا، وتم سحب عينات الـDNA من المتوفين وأسرهم، وفور الانتهاء تسلّمها مندوب متجهًا إلى المعمل بمصلحة الطب الشرعي للتعرّف على هوية الجثامين وتسليمهم لذويهم.
مرّت الساعات على الأسر كأنها أيام، وبعد مرور 12 ساعة تم التعرّف على هوية القضاة المتوفين في الحادث، وتم إنهاء الإجراءات استعدادًا لتسليم المتوفين إلى أسرهم.
ورفع مؤذنو المساجد بقرى الضحايا مكبرات الصوت، معلنين موعد الجنازة على أصحاب ميزان العدل، الطريق الذي لم يعرفوا غيره.
أمام مشرحة ملوي وقفت سيارات نقل الموتى في صفٍ واحد، تستعد لنقل المتوفين، ولحظات وتم وضعهم بداخلها، وخرجت السيارات واحدةً تلو الأخرى، في مشهد أثار حزن المارة.
وعلى باب نادي القضاة بالمنيا وقفت القضاة والقيادات الأمنية تستعد لاستقبال الضحايا في جنازة مهيبة تكريمًا لهم، ووصلت السيارات وتم بدء الجنازة العسكرية متجهين نحو مسجد الفولي، في مشهد مهيب تقشعر له الأبدان، الكل يبكي من يعرفهم ومن لا يعرفهم.
انتهى المصلون من أداء صلاة الجنازة على الضحايا المتوفين، وتحركت كل سيارة تحمل كفنًا في طريقها إلى مقابر القرية المكلومة التي خيّم عليها الحزن، واتشحت جدرانها بالسواد بعد أن شهدت يومًا سيخلّد تاريخيًا في حياتهم على فراق تلك الأرواح الطاهرة.






