التابعي وأم كلثوم في فيلم الست.. علاقة خاصة بين الغناء والصحافة
بعيدًا عن النقد الفني أو موجة الجدل بين الرفض والاحتفاء التي صاحبت الإعلان عن فيلم الست الذي كتبه أحمد مراد وتجسد بطولته منى زكي جاء الفيلم ليعيد إلى دوائر النقاش قضايا وشخصيات قد لا يتذكرها الجمهور في مصر وتغيب ذكراها عن الأجيال الجديدة وبالقطع في مقدمة هؤلاء الكاتب الصحفي محمد التابعي مؤسس الصحافة المصرية الحديثة وأستاذ الأساتذة في صحافة مصر بتاريخها الطويل.
كانت العلاقة وطيدة بين أم كلثوم ومحمد التابعي فأرشيف الصحافة المصرية ممتلئ برسائلهما المتبادلة والمقالات التي كتبها التابعي عن أم كلثوم وربما من بين رسائلهما ما لم يرى النور إلا بعد وفاة التابعي وعثرت عليها زوجته في مكتبة الخاص.
لا يمكن حصر تلك العلاقة فأي مدى ولا يمكن أن توضع عند حد فالتابعي كتب في أحد الأيام "ليست هناك ساعة واحدة أستطيع القول إنها ملكي، أو أنني فيها ملك نفسي، لأنك دائما معي، تطلين عليً وتهمسين في أذني، بكل ما كان بيننا في كل ساعة من ساعات الشهور الستة التي اتصلنا فيها، وعرفت معنى القرب ومعنى الخصام، وفي محفظتي صورتك الصغيرة، وخصلة من شعرك.. أشمها، ويعلم الله أنني لست من أنصار الخيال.
ومن بين الجدل الأخير هو الحديث عن مساعدة أم كلثوم للتابعي في إصدار آخر ساعة لتخرج ابنة الكاتب الراحل "أم كلثوم لم تساعد محمد التابعي في مجلة آخر ساعة، بل ساهمت بمبلغ كبير (كقرض) للأخوة مصطفى وعلي أمين من أجل أخبار اليوم وليس محمد التابعي من أجل آخر ساعة!! من ساند التابعي كان طلعت حرب".
قد لا يمكن الجزم بحقيقة الأمر لكن دلائل عدة تشير إلى أن الأمر قد يكون حدث بالفعل منها أنها شجعت أم كلثوم الصحافي المصري الأشهر محمد التابعي على إصدار مجلة «آخر ساعة» كانت تسأل عن المشروع بلهفة شديدة، وفي ليلة صدور «آخر ساعة» في يوليو 1934، اتصلت أم كلثوم تطلب العدد قبل طرحه للبيع بـ24 ساعة، فقد كانت مسافرة إلى باريس وهي لن تنتظر أن يأتيها العدد الأول من المجلة بالبريد.
ويقول الصحفي شهدي عن علاقة الثنائي "بدأت علاقة التابعي بأم كلثوم مبكرًا، منذ أن كان يكتب مقالات نقدية بجريدة الأهرام باسم «حندس» في عامي 1924و 1925، وفي مايو 1925 غنت أم كلثوم على مسرح الأوبرا الملكية، بناء على طلب من جورج أبيض، وهنا حدث لوم كبير على جورج أبيض، لأنه استعان بأم كلثوم، فكتب التابعي مدافعا عنها قائلا: لم لا تغنى أم كلثوم فوق مسرح الأوبرا، وقد غنت قبلها توحيدة ومنيرة، ولو أنني كنت ممن أوتي العلم بالأنغام، ودساتيرها لأبحث لقلمي شيئا من التفصيل والوصف، لذلك الصوت السماوي، لكنى لا أستطيع شيئا حتى، وأراني عاجزًا عن أفيه حقه من الوصف، ذلك الأثر الذي يحدثه في نفسي صوت أم كلثوم، كل ما أستطيع قوله إنما هو سبحان من وهب للنغم أثره، وسبحان من جعل للصوت الجميل سحره، أحلى ما في صوتها طهارته وصدقه للنغمة والعاطفة التي يجب أن يثيرها لفظ القصيدة.
وأضاف الصحفي شهدي: "من هنا بدأت علاقة أم كلثوم بالتابعي، وهي العلاقة التي توطدت مع الأيام ولم تنقطع حتى وفاتها، وكانت أم كلثوم من أكبر مشجعي التابعي، على إنشاء جريدة أو مجلة خاصة، وقد استطاع التابعي أن يحصل على أول مذكرات لأم كلثوم ونشرها في آخر ساعة في عامي 1937 و1938، وهي المذكرات التي حررها محمد علي حماد، وكتب التابعي كثيرًا عن ذكرياته معها وفي كتابه «ألوان من القصص»، يكتب عن ذكرياته معها في رأس البر، وقد كانت أم كلثوم من أهم الشخصيات التي أعطت لمصيف رأس البر شهرة واسعة، وذلك وقت الحرب العالمية الثانية، عندما ابتعد معظم المشاهير عن الإسكندرية لقربها من مناطق القتال، وعندما غيرت أم كلثوم مصيفها إلى رأس البر، تطلع الكثيرون لهذا المصيف.
وقال التابعي: كانت ليّ عشة صغيرة على شاطئ البحر مباشرة، وأنا من هواة رأس البر، حتى ومن قبل قيام الحرب، وكانت عشتي الصغيرة أشبه بدار ضيافة للأصدقاء، فقد كنت أرجوهم أن يقيموا معي ويؤنسوا وحدتي، وكانوا يتفضلون بقبول الرجاء.
وربما من أشهر المواقف بين الثنائي هو أزمة أغنية عودت عيني عندما اتهمها بسرقة الأغنية من عبد الوهاب وقتها اتصلت أم كلثوم بالكاتب الكبير محمد التابعي وعاتبته على ما كتبه وعلى هجوم روزا اليوسف وبعض الجرائد الأخرى عليها، وقالت للكاتب الكبير: أرجوك اسأل عبد الوهاب متى قدم له رامي هذه الأغنية؟
وبالفعل اتصل التابعي بعبد الوهاب واكتشف أن الأغنية عنده من ثلاث سنوات، فثار التابعي عليه وقال له: يا راجل حرام عليك جعلتنا نهاجم الست ونتهمها بالسرقة وأنت الغلطان!، وأسرع التابعي بالاتصال بأم كلثوم معتذرا لها، وتوقفت الحملة التي شنت على كوكب الشرق بسبب "عودت عيني".






