أمريكا تنهي تجارب القرود وتفتح الباب لبدائل بحثية جديدة | تفاصيل
في تحول سياسي وعلمي لافت، وجهت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بوقف جميع الأبحاث العلمية التي تُجرى على الرئيسيات غير البشرية، في خطوة تُعد من أبرز القرارات التي تستهدف الحد من التجارب على الحيوانات داخل المؤسسات الفيدرالية.
أمريكا تنهي تجارب القرود وتفتح الباب لبدائل بحثية جديدة
وحسب ما نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية، كشف متحدث باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، أن الأبحاث التي سيطالها القرار تندرج ضمن ما يُعرف بـ الأبحاث الأساسية طويلة الأجل، والتي تعتمد على الفضول العلمي لفهم آليات أمراض مثل الزهايمر أو تطوير تقنيات جراحية جديدة، وليس على تطوير منتجات طبية محددة.
وبحسب خطة داخلية اطّلعت عليها الصحيفة، سيتم إيقاف أي بحث يشمل الرئيسيات غير البشرية بشكل فوري، مع إلزام مراكز السيطرة على الأمراض بوضع آليات لإنهاء التجارب الجارية بأسرع وقت ممكن وبطريقة أخلاقية، كما يتعين على الوكالة تقييم الحالة الصحية لكل قرد لتحديد إمكانية نقله إلى محمية مناسبة، في ظل عدم وضوح العدد الحالي للحيوانات، بعد أن كان يُقدّر بنحو 500 قرد في عام 2006.
وتُلزم الخطة الوكالة أيضًا بوضع نظام تدقيق صارم للملاجئ المحتملة، وتقدير تكاليف النقل، وضمان جودة الرعاية، دون تحديد أسماء الملاجئ، علمًا بوجود ما لا يقل عن عشرة ملاجئ متخصصة داخل الولايات المتحدة، وخلال الفترة الانتقالية، شددت الخطة على ضرورة استخدام أفضل الوسائل الممكنة لتقليل الألم أو الضيق أو المعاناة التي قد تتعرض لها الحيوانات.
كما سيُطلب من مراكز السيطرة على الأمراض إعداد خطة منفصلة تهدف إلى تقليل العدد الإجمالي للحيوانات المستخدمة في الأبحاث، وضمان أن أي أبحاث مستقبلية تشمل الحيوانات تتماشى بشكل مباشر مع مهمة الوكالة الأساسية، والمتمثلة في حماية صحة الأمريكيين عبر التقدم العلمي والابتكار.
إجمالي الحيوانات المستخدمة
ويُذكر أن الرئيسيات غير البشرية لا تمثل سوى نحو 0.5% من إجمالي الحيوانات المستخدمة في الأبحاث الطبية الحيوية في الولايات المتحدة، بينما تتركز النسبة الأكبر، بنحو 95%، على الفئران والجرذان، والتي لا يشملها القرار. كما يقتصر التوجيه الجديد على مختبرات مراكز السيطرة على الأمراض، دون أن يؤثر على مئات المؤسسات البحثية الممولة من المعاهد الوطنية للصحة.
ورغم الجدل الأخلاقي الواسع، يشير خبراء إلى أن هذه الرئيسيات لعبت دورًا محوريًا في أبحاث الأعصاب وأمراض القلب والأوعية الدموية، وأسهمت في فهم آليات الذاكرة والتنكس العصبي، إضافة إلى تطوير أدوات الوقاية والعلاج من أمراض خطيرة مثل الإيدز إلا أن نشطاء حقوق الحيوان وبعض العلماء يرون أن هذه الأبحاث تتسم بمعدلات فشل مرتفعة، وتسبب معاناة شديدة وغير مبررة علميًا.
من جهتها، رحبت الطبيبة البيطرية الدكتورة كاثي ستريكلاند، التي عملت سابقًا في مختبرات أبحاث الرئيسيات، بالقرار، مؤكدة أنها وثقت خلال عملها مخاوف جدية تتعلق برفاهية الحيوانات وأخلاقيات البحث، وأضافت: التخلص التدريجي من هذه التجارب خطوة صحيحة، سواء من الناحية العلمية أو الأخلاقية، والأهم من أجل الحيوانات التي تعاني وتُقتل باسم العلم.
الأنسجة البشرية المزروعة
ويُتوقع أن يدفع هذا التحول الباحثين نحو الاعتماد بشكل أكبر على النماذج الحسابية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، والأنسجة البشرية المزروعة مخبريًا، المعروفة بـ الأعضاء المصغرة، رغم إقرار الخبراء بأن هذه البدائل لا تزال عاجزة عن تعويض الأبحاث المعقدة على مستوى الكائن الحي بالكامل.
القرار، الذي لاقى ترحيبًا من منظمات حقوق الحيوان مثل بيتا ولجنة الأطباء للطب المسؤول، قد يمثل نقطة تحول في مستقبل البحث الطبي الأمريكي، بين طموحات التقدم العلمي ومتطلبات الأخلاقيات والرفق بالحيوان.




